وَلما نزلت هَذِه الْآيَة قَالَ أَبُو جهل وَكَانَ من أَشد الْأَعْدَاء على مُحَمَّد خير الْأَنْبِيَاء إِن رب مُحَمَّد لفصيح وَهَذِه الْآيَة بِمَا تَضَمَّنت من الْأَحْكَام وَتَفْسِير الْحَلَال وَالْحرَام والإعراض عَن أهل الْجَهْل والإجترام وَالْأَمر بِالْتِزَام أَخْلَاق الْكِرَام تدل دلَالَة قَاطِعَة على أَنَّهَا كَلَام الْعَزِيز العلام مَعَ مَا هِيَ عَلَيْهِ من اللَّفْظ الجزل الرصين الَّذِي يروع قُلُوب العارفين ويثلج قُلُوب القارئين والسامعين
وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان وإيتاء ذِي الْقُرْبَى وَينْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر وَالْبَغي يعظكم لَعَلَّكُمْ تذكرُونَ}
وَلما سمع الْمُغيرَة هَذِه الْآيَة وَكَانَ من أعدائه الَّذين يُرِيدُونَ إطفاء نوره وإذهاب بهائه قَالَ وَالله إِن لَهُ لحلاوة وَإِن عَلَيْهِ لطلاوة وَإِن أَسْفَله لمغدق وَإِن أَعْلَاهُ لمثمر مُورق وَمَا يَقُول هَذَا بشر وَهَذِه الْآيَة قد تَضَمَّنت بِحكم عمومها وَصِحَّة مفهومها مَعَاني كتب الْمُتَقَدِّمين وَشَرَائِع الماضين وتذكره الْحَاضِرين وتخويف الْمُقَصِّرِينَ وترغيب الْمُجْتَهدين مَعَ مَا هِيَ عَلَيْهِ من قلَّة الْكَلِمَات وَمَعَ عذوبة المساق والجزالات
وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَمن يطع الله وَرَسُوله ويخش الله ويتقه فَأُولَئِك هم الفائزون} حكى أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ بَيْنَمَا هُوَ يَوْمًا نَائِم فِي الْمَسْجِد إِذْ وقف على رَأسه رجل يتَشَهَّد بِشَهَادَة الْحق فاستخبره فَقَالَ إِنِّي كنت من بطارقة الرّوم وَكنت مِمَّن يحسن كَلَام الْعَرَب وَغَيرهم فَسمِعت أَسِيرًا من الْمُسلمين يقْرَأ آيَة من الْقُرْآن فتأملتها فَإِذا هِيَ قد جمع فِيهَا مَا أنزل الله على عِيسَى ابْن مَرْيَم من أَحْوَال الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ثمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ {وَمن يطع الله وَرَسُوله ويخش الله ويتقه} الْآيَة الْمُتَقَدّمَة وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وأوحينا إِلَى أم مُوسَى أَن أرضعيه فَإِذا خفت عَلَيْهِ فألقيه فِي اليم وَلَا تخافي وَلَا تحزني إِنَّا رادوه إِلَيْك وجاعلوه من الْمُرْسلين}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute