للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَمن ذَلِك قَوْله تَعَالَى {إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذين يجْعَلُونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر}

وَكَانَ هَؤُلَاءِ المستهزئون نَفرا من الْكفَّار معروفون بأعيانهم وأسمائهم ينفرون النَّاس عَنهُ ويؤذونه ويهزأون بِهِ فَأنْزل الله على نبيه هَذِه الْآيَة يبشره بإهلاكهم وهم أَحيَاء فَكَانَ سَبَب أهلاكهم من أعجب آيَات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذَلِكَ أَنه كَانَ مِنْهُم الْأسود بن عبد المطلب رمى فِي وَجهه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوَرَقَة خضراء فَعمى وَمِنْهُم الْأسود بن عبد يَغُوث أَشَارَ إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسْتَسْقَى بَطْنه فَمَاتَ حبنا وَمِنْه الْوَلِيد بن الْمُغيرَة أَشَارَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أثر جرح كَانَ بِأَسْفَل كَعبه كَانَ أَصَابَهُ قبل ذَلِك بِسنتَيْنِ وَكَانَ قد برأَ فتجدد حَتَّى قَتله الله بِهِ وَمِنْه الْعَاصِ بن وَائِل أَشَارَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَخْمص رجله فَخرج على حمَار لَهُ يُرِيد الطَّائِف فَرَمَاهُ حِمَاره على الأَرْض فَدخلت فِي أَخْمص رجله شَوْكَة فَقتلته وَمِنْه الْحَارِث بن الطلالة أَشَارَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى رَأسه فاستحال دَمه قَيْحا فَقتله

فَانْظُر بعقلك هَذِه الْأُمُور العجيبة وَهَذِه الْأَحْوَال الغريبة الَّتِي لَا تلْحق بالأفكار ويحار فِيهَا أولى الْأَبْصَار بل تشهد عِنْدهَا الْعُقُول أَن الْمَقْصُود بهَا تَصْدِيق الرَّسُول فوَاللَّه لَو لم يكن لَهُ من المعجزات إِلَّا هَذِه الْآيَة لَكَانَ فِيهَا أعظم كِفَايَة ولحصل من تَصْدِيقه على أبعد غَايَة

وَفِي كتاب الله تَعَالَى من هَذَا الْقَبِيل مَا يحْتَاج اسْتِقْصَائِهِ إِلَى تَكْثِير وَتَطْوِيل وحسبك مَا تضمنه من كشف أسرار الْمُنَافِقين وفضيحة الْيَهُود الضَّالّين فَلَقَد يقْضِي النَّاظر فِيهَا من ذَلِك الْعجب العجاب ويتحقق انه من عِنْد الله من غير شكّ وَلَا ارتياب

<<  <   >  >>