عَنهُ وَمن كَانَ مُحْتَاجا كَانَ مُمكنا وكل مُمكن فلابد أَن يسْتَند وُجُوبه إِلَى سَبَب وَاجِب الْوُجُود فَحصل من هَذَا أَن صِفَات الْكَمَال والإستغناء كلهَا لَا يَصح إِيجَاد مَوْجُود مُحدث إِلَّا مِمَّن اتّصف بمجموعها وَأَن من لم يَتَّصِف بهَا فَلَا يَصح مِنْهُ إِيجَاد مَوْجُود فَإِذن هِيَ أصُول الموجودات الممكنة فَإِذن هِيَ أقانيم على قَوْلك
وَسَيَأْتِي مزِيد كَلَام فِي الأقانيم ثمَّ نقُول إِن قضيت بِرُجُوع هَذِه الْأَسْمَاء بَعْضهَا إِلَى بعض مَعَ تبَاين مفهوماتها وَاخْتِلَاف مَعَانِيهَا فَلم لَا تقضى بِرُجُوع الْإِرَادَة إِلَى الْعلم وبرجوع الْعلم إِلَى التجرد عَن الْمَادَّة كَمَا زعمت الفلاسفة وَلم لَا تقضى بِرُجُوع الْقُدْرَة إِلَى الْوُجُود كَمَا قد ذهب إِلَيْهِ طوائف من النَّصَارَى الْمُتَقَدِّمين فقد كَانَ طوائف مِنْهُم لَا يعدون الْقُدْرَة أقنوما وَكَانُوا يردونها إِلَى الْوُجُود وَكَانُوا يردون الْإِرَادَة للحياة فالأقانيم عِنْدهم الْوُجُود وَالْعلم والحياة وَسَيَأْتِي حِكَايَة مَذْهَبهم إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَهَذَا كُله يدل على أَنكُمْ فِي عقائدكم متحكمون لَا ترجعون فِيهَا إِلَى أصل عَلَيْهِ تعولون
وَأما سؤالك الثَّانِي الَّذِي وجهت على نَفسك فوارد عَلَيْك ولازم لَك وَلم تنفصل عَنهُ على أَنَّك أخللت بِهِ فَإِن الَّذِي يعْتَرض بِهِ عَلَيْك أَكثر من قديم وَحي اذ قد يرد عَلَيْك الْوُجُود فان اصل الاقانيم ة السّمع وَالْبَصَر فَإِن لَا يَصح رُجُوعهَا بِحَال إِلَى الْعلم فَإِن الْعلم لَا يَنُوب عَن الْإِدْرَاك فَأَنا بِالضَّرُورَةِ نعلم الْفرق بَين الْعلم بالصوت وَسَمَاع الصَّوْت وَبَين الْعلم بالمرئى ورؤية المرئى مِثَال ذَلِك أَنا نعلم مَعْلُوما على غَايَة مَا يُمكن من الْعلم ثمَّ إِذا رَأَيْنَاهُ حصل لنا بِالضَّرُورَةِ مزِيد وضوح ومزيد بَيِّنَة على الْعلم بِهِ وَكَذَلِكَ فِي المسموع فَذَلِك الْمَزِيد وَتلك الْمَزِيد أما أَن نقُول أَن الله تبَارك وَتَعَالَى مدرك لَهَا أَو لَيْسَ مدْركا لَهَا فَإِن لم يُدْرِكهَا فقد فَاتَهُ بعض المزايا وَلم يحصل لَهُ ذَلِك الوضوح فَيكون من يُدْرِكهَا وحصلت لَهُ أكمل مِمَّن لم تحصل لَهُ فَيُؤَدِّي إِلَى أَن يكون الْمَخْلُوق أكمل من الْخَالِق والمصنوع أشرف وَأتم من الصَّانِع وَذَلِكَ محَال وَإِن كَانَ مدْركا لَهَا فبذلك الْإِدْرَاك يُسمى بَصيرًا سمعيا وَهُوَ زَائِد على الْعلم فَإِن الْعلم لَا يغنى عَنهُ كَمَا تقدم ولسنا تشْتَرط فِيهَا بنية مَخْصُوصَة وَلَا جارحة وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute