وَيُشبه وَالله أعلم مَذْهَبهم فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مَذْهَب الفلاسفة حَيْثُ يُنكرُونَ الْعَذَاب المحسوس وَالنَّعِيم ويصرفون ذَلِك إِلَى الإلتذاذ الروحاني لكِنهمْ لَا يصرحون بِهِ كَمَا تصرح بِهِ الفلاسفة إِذْ لَا يقدرُونَ على تَبْيِين أغراضهم لقصورهم وَنحن نتكلم هُنَا مَعَ من يُنكر ذَلِك من المتشرعين فَإِنَّهُم قد اجْتَمعُوا على إعادتنا كَمَا كُنَّا أول مرّة إِذْ قد اجْتمعت على ذَلِك الشَّرَائِع كلهَا من غير اخْتِلَاف بَينهَا فِيهِ
فَنَقُول لمنكر ذَلِك لَا يَخْلُو أَن مَا تنكره أما من جِهَة الْعقل أَو من جِهَة الشَّرْع فَإِن قَالَ من جِهَة الْعقل قُلْنَا لَهُ كذبت وأخطأت فَإِن الْعقل لَا يدل على اسْتِحَالَة ذَلِك بل يدل على جَوَازه إِذْ لَيْسَ فِي ذَلِك إِلَّا أَن الَّذِي خلقنَا أول مرّة ومكننا أَن نتنعم نعيما محسوسا ونتألم ألما محسوسا قَادر على أَن يعيدنا بعد أَن يفنينا كَمَا بدأنا
فَإِن الْإِعَادَة إِنَّمَا هِيَ خلق ثَان وَمن قدر على الْخلق الأول قدر على الْخلق الثَّانِي وَهَذَا مَعْلُوم بِنَفسِهِ فَهُوَ إِذن فعل مُمكن فِي نَفسه لَيْسَ من قبيل الْمُمْتَنع وَالله تَعَالَى قَادر على كل مُمكن فَيجب وَصفه بِالْقُدْرَةِ على ذَلِك فَإِن قَالُوا إِن كَانَ فِي الْجنَّة أكل