للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حكم الله فَمَا لكم تنكرون مَا بِمثلِهِ تعترفون وتكذبون عين مَا تصدقُونَ فَلَعَلَّ الْمَعْتُوه الَّذِي لَا يعرف مابه يفوه

ثمَّ لَا يُنكر عَاقل حِكْمَة الله تَعَالَى فِي شَرْعِيَّة كَثْرَة النِّسَاء إِذْ مَقْصُوده بذلك إِنَّمَا هُوَ تَكْثِير النَّسْل وَعمارَة الدُّنْيَا بِالذَّرَارِيِّ ليكْثر الصالحون لما أَرَادَ الله بهم من الْكَرَامَة وليكثر الطالحون لما أَرَادَ الله بهم من الشقاوة والتعذيب ولتنفذ على خلقه أَحْكَامه وتجري عَلَيْهِم أقداره {لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون}

وَأما إعتراضه بِالطَّلَاق ورد المطلقات فقد تقدم ذكره على أوضح المقالات وأشفينا فِي الْجَواب على أحسن الغايات فلينظره من أَرَادَهُ فِي بَاب النبوات

وَأما إعتراضهم على إعتقادنا أَن الله يهدي من يَشَاء ويضل من يَشَاء فقد قدمنَا فِيهِ قولا كَافِيا وَلَكنَّا مَعَ ذَلِك نؤيده أيضاحا فَنَقُول

قد قَامَ الدَّلِيل الْقَاطِع والبرهان الصادع على أَن الله تَعَالَى مُنْفَرد بِخلق الموجودات ومريد لكل الحادثات لَا يخرج عَن قدرته مُمكن وَلَا يشذ عَن إِرَادَته حَادث وَالْهدى والضلال من الْحَوَادِث فَإِذن هما مستندان إِلَيْهِ وموجودان بإرادته وَتَحْقِيق هَذَا الْبُرْهَان يعرف فِي مَوْضِعه

ثمَّ نقُول لَا يشك عَاقل أَن الْهدى والضلال وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا أُمُور محدثة وأفعال مَوْجُودَة بعد أَن لم تكن وكل فعل مُحدث فَلَا بُد لَهُ من فَاعل مُحدث بِالضَّرُورَةِ ففاعل الْهدى والضلال وخالقهما إِمَّا أَن يكون الله سُبْحَانَهُ أَو غَيره محَال أَن يكون غير الله لِاسْتِحَالَة وجود خالقين وَيلْزم مِنْهُ إمتناع الْخلق كَمَا قدمنَا حِين ذكرنَا دلَالَة التمانع فَلم يبْق إِلَّا أَن يكون الْفَاعِل هُوَ الله تَعَالَى إِذْ لَا خَالق إِلَّا هُوَ وَلَا مبدع سواهُ

ثمَّ نقُول لِلنَّصَارَى صلب الْمَسِيح وَقَتله إِمَّا أَن يكون ضلالا وَإِمَّا أَن يكون هدى ومحال أَن يكون هدى فَإِنَّكُم تكفرون من فعل ذَلِك

<<  <   >  >>