للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَن الفحمة مهما صَارَت نَارا فقد حدثت النارية وانعدمت الفحمية وَلَيْسَ هَذَا مُسَاوِيا لِقَوْلِك صَار الْحَادِث إِلَهًا فَإِن الشَّيْء الَّذِي صَار بِهِ الْحَادِث إِلَهًا عنْدكُمْ هُوَ قديم فَكيف تشبهه بالنارية الطارئة وَهِي حَادِثَة وَإِن ساويت بَينهمَا لزمك أَن يكون الْحَال فِي الناسوت حَادِثا أَو النارية قديمَة فترتفع الفحمية وَهُوَ محَال بِالضَّرُورَةِ

وَأما قَوْلك فَإِن قلت فَمَا عِلّة هَذَا الإتحاد قيل لَك الْإِرَادَة فَهَذَا قَول فَاسد فَإِن الْإِرَادَة إِنَّمَا يَصح تعلقهَا بالجائزات وَلَا يَصح تعلقهَا بالمحالات والإتحاد محَال فَلَا تتَعَلَّق بِهِ الْإِرَادَة على مَا نقرره إِن شَاءَ الله إِذا نقلنا مَذَاهِب أقستكم فِي هَذَا الْمَعْنى وتكلمنا مَعَهم عَلَيْهَا

وَأما قَوْلك فِي جَوَاب سَائِلك عَن الإتحاد هَل حَادث أَو قديم حَيْثُ قلت إِنَّه قديم وحادث فَقَوْل لم يقل بِهِ مُؤمن وَلَا ناكث فَإِن الْجمع بَين الْقدَم والحدوث مِمَّا يعلم فَسَاده بضرورة الْعقل فَإِن معنى الْقَدِيم الَّذِي لَا أول لوُجُوده والحادث هُوَ الَّذِي لوُجُوده أول وَالْجمع بَين نفى الأولية وَإِثْبَات الأولية محَال

وَأما قَوْلك قديم بِالْقُوَّةِ حَادث بِالْفِعْلِ فَكَلَام لَيْسَ لَهُ أصل إِذْ لَا يعقل الْعُقَلَاء فِي الْقدَم قُوَّة وَلَا فعلا فَإِن الْقدَم من أَسمَاء السلوب وَالْقُوَّة وَالْفِعْل فَإِنَّمَا يتواردان عِنْد الْقَائِلين بهما على الصِّفَات الوجوديات وعَلى عدمهَا مَعَ إِمْكَان وجودهَا ثمَّ إِنَّا نَسْأَلك عَن حد الْقُوَّة وحقيقتها وَمَا الْفرق بَينهمَا وَبَين الْإِمْكَان وَهل هِيَ مَوْجُودَة وَعَن حد الْفِعْل وَمَا حَقِيقَته

فَإنَّك تَكَلَّمت بِمَا سمعته وَمَا حصلته وَلَا وعيته

وَأما قَوْلك وكل عِنْده حَاضر مُقيم فَكَلَام حق ومقال صدق إِن كنت أردْت بحاضر أَنه مَعْلُوم وَقد أَخْطَأت بإدخالك مُقيم فِي هَذَا الْمَعْنى فَإِن الْمُقِيم إِنَّمَا هُوَ مَأْخُوذ من أَقَامَ بالموضع إِذا ثَبت فِيهِ فَإِن أردْت هَذَا الْمَعْنى لزمك أَن تكون المعدومات الممكنة مَوْجُودَة عِنْده فِي حَال عدمهَا وَذَلِكَ محَال وَإِن أردْت غَيره فَكَانَ يَنْبَغِي لَك أَن تبين مرادك فَإنَّك لم تَتَكَلَّم بِهِ على مُقْتَضى كَلَام الْقَوْم الَّذين تعاطيت التَّكَلُّم بلسانهم

<<  <   >  >>