. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْأَمْرَ أَلْبِسُهُ، أَيْ: سَتَرْته وَخَلَطْته، وَمِنْ لُبْسِ الثّيَابِ: لَبِسْت أَلْبَسُ، لِأَنّهُ فِي مَعْنَى كَسِيت، وفى مقابلة عربت، فَجَاءَ عَلَى وَزْنِهِ، وَالْآخَرُ فِي مَعْنَى: خَلَطْت أَوْ سَتَرْت، فَجَاءَ عَلَى وَزْنِهِ.
شَرْحُ مَا فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ مِنْ الْمُشْكِلِ اتّفَقَتْ الرّوَاةُ عَلَى تَسْمِيَتِهِ إسْرَاءً، وَلَمْ يُسَمّهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ: سُرًى، وَإِنْ كَانَ أَهْلُ اللّغَةِ قَدْ قَالُوا: سَرَى وَأَسْرَى بِمَعْنَى وَاحِدٍ، فَدَلّ عَلَى أَنّ أَهْلَ اللّغَةِ لَمْ يُحَقّقُوا الْعَبّارَةَ، وَذَلِكَ أَنّ القرّاء لم يختلفوا فى العلاوة من قوله: (سبحان الذى أسرى بعبده) وَلَمْ يَقُلْ: سَرَى، وَقَالَ: وَاللّيْلِ إِذَا يَسْرِ، وَلَمْ يَقُلْ:
يَسْرِي، فَدَلّ عَلَى أَنّ السّرَى مِنْ سَرَيْت إذَا سِرْت لَيْلًا، وَهِيَ مُؤَنّثَةٌ «١» تَقُولُ: طَالَتْ سُرَاك اللّيْلَةَ، وَالْإِسْرَاءُ مُتَعَدّ فِي الْمَعْنَى، وَلَكِنْ حُذِفَ مَفْعُولُهُ كَثِيرًا حَتّى ظَنّ أَهْلُ اللّغَةِ أَنّهُمَا بِمَعْنَى وَاحِدٍ، لَمّا رَأَوْهُمَا غَيْرَ مُتَعَدّيَيْنِ إلَى مَفْعُولٍ فِي اللّفْظِ، وَإِنّمَا أَسْرَى بِعَبْدِهِ، أَيْ: جَعَلَ الْبُرَاق يَسْرِي، كَمَا تَقُولُ: أَمَضَيْته، أَيْ: جَعَلْته يَمْضِي، لَكِنْ كَثُرَ حَذْفُ الْمَفْعُولِ لَقُوّةِ الدّلَالَةِ عَلَيْهِ، أَوْ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ ذِكْرِهِ، إذْ الْمَقْصُودُ بِالْخَبَرِ ذِكْرُ مُحَمّدٍ، لَا ذِكْرُ الدّابّةِ الّتِي سَارَتْ بِهِ، وَجَازَ فِي قِصّةِ لُوطٍ عَلَيْهِ السّلَامُ. أَنْ يُقَالَ له: فأسر بأهلك: أَيْ فَاسْرِ بِهِمْ، وَأَنْ يَقْرَأَ فَأَسْرِ بِأَهْلِك بِالْقِطْعِ، أَيْ: فَأَسْرِ بِهِمْ مَا يَتَحَمّلُونَ عَلَيْهِ مِنْ دَابّةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَلَمْ يُتَصَوّرْ ذَلِكَ فِي السّرَى بِالنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ سَرَى بِعَبْدِهِ بوجه
(١) فى اللسان أنها تذكر وتؤنث.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute