للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تَأَمّلْته، وَذَلِكَ أَنّ الّذِي تَصْلُحُ فِي كُلّ مَوْضِعٍ تَصْلُحُ فِيهِ مَا الّتِي يُسَمّونَهَا الْمَصْدَرِيّةَ نَحْوُ قَوْلِ الشّاعِرِ:

عَسَى الْأَيّامُ أَنْ يَرْجِعْ ... نْ يَوْمًا كَاَلّذِي كَانُوا «١»

أَيْ: كَمَا كَانُوا، فَقَوْلُ اللهِ عَزّ وَجَلّ إذًا: «فَاصْدَعْ بِمَا تؤمر» إمّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: بِاَلّذِي تُؤْمَرُ بِهِ مِنْ التّبْلِيغِ وَنَحْوِهِ، وَإِمّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: اصْدَعْ بِالْأَمْرِ الّذِي تُؤْمَرُهُ، كَمَا تَقُولُ: عَجِبْت من الضرب الذى تضربه، فتكون ما ههنا عِبَارَةٌ عَنْ الْأَمْرِ الّذِي هُوَ أَمْرُ اللهِ تَعَالَى، وَلَا يَكُونُ لِلْبَاءِ فِيهِ دُخُولٌ، وَلَا تَقْدِيرٌ، وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوّلِ تَكُونُ مَا مَعَ صِلَتِهَا عِبَارَةٌ عَمّا هُوَ فِعْلٌ لِلنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْأَظْهُرُ أَنّهَا مَعَ صِلَتِهَا عِبَارَةٌ عَنْ الْأَمْرِ الّذِي هُوَ قَوْلُ اللهِ وَوَحْيُهُ، بِدَلِيلِ حَذْفِ الْهَاءِ الرّاجِعَةِ إلَى: مَا، وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى الّذِي فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، إلّا أَنّك إذَا أَرَدْت مَعْنَى الْأَمْرِ لَمْ تَحْذِفْ إلّا الْهَاءُ وَحْدَهَا، وَإِذَا أَرَدْت مَعْنَى الْمَأْمُورِ بِهِ، حُذِفَتْ بَاءٌ وَهَاءٌ، فَحَذْفُ وَاحِدٍ أيسر من حذفين


(١) البيت للفند- بكسر الفاء- الزمانى بكسر الزاى وتشديد الميم، وهو شهل ابن شيبان بن ربيعة بن زمان بن مالك بْنِ صَعْبِ بْنِ عَلِيّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وائل جاهلى قديم. وفى الحيوان للجاحظ: الرمانى وهو خطأ، والقصيدة فى الحيوان ج ٦ ص ١٤٠ ط ١: ساسى، والأمالى للقالى، وهى فيه تسعة أبيات. وفى الحيوان:
عسى الأيام ترجعهم ... جميعا كالذى كانوا
وفى الأمالى «يرجعن قوما» ويقول البكرى فى السمط عن شهل صاحب الشعر، وليس فى العرب شهل بشين معجمة غيره» انظر ص ٣٦٠ ج ١ ط ١: الأمالى للقالى، وص ٥٧٨ سمط اللالى البكرى

<<  <  ج: ص:  >  >>