للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنسبة إلى من عرض له النسيان وما في حكمه١ بمعنى أن يكون في الأصل عالما بالحكم لكنه لم يتذكره حال الحاجة إليه٢، وكذلك من فعل شيئا من ذلك دون أن يقصده.

وتعبير السيوطي وغيره بقولهم: "مُسقط للإثم" أو "يرفع الإثم" يُقصد منه -فيما يظهر- الإشارة إلى أن التكليف باق في حق هؤلاء ولكن الله تعالى عذرهم تخفيفا.

قال الزركشي نقلا عن الإمام الشافعي: "إن الجهل لا يمنع التكليف وإلا لكان الجهل خير من العلم وإنما خفف الله عن الجاهل بإسقاط الإثم عنه"٣.

وقد صرح كثير من العلماء بأن الجهل والنسيان والخطأ لا تنافي التكليف وذلك شامل لأهلية الوجوب، وأهلية الأداء؛ لأن متعلَّق الأهلية هو الذمة والعقل والتمييز وهذه العوارض الثلاثة لا تزيل هذه المقومات وإنما تكون عذرا عند وجودها٤.


١ كالسهو والغفلة ونحوهما. انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم ص٣٠٢، والنسيان وأثره ص٢٤-٢٥، والوجيز في إيضاح قواعد الفقه ص١٨٦.
٢ انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم ص٢١٣، وعوارض الأهلية ص٢٩.
٣ انظر: المنثور ٢/١٥٢.
٤ قد يبدو بين قول العلماء: إن النسيان، والجهل، والخطأ لا تنافي الأهلية بنوعيها وبين اعتبارها من عوارض الأهلية نوع من التعارض والتناقض في الظاهر ويدفع هذا التعارض العلم بأن عوارض الأهلية عندهم نوعان: نوع مسقط للأهلية، ونوع يُسقط بعض أحكامها. فالجهل والنسيان، والخطأ تسقط بعض أحكام الأهلية ولا تزيلها بالكلية، كما أنه من المهم إيضاح أن مرادهم بعدم منافاتها لأهلية الأداء ليس القدرة على الأداء حال الجهل، والنسيان، أو القدرة على الأداء الصحيح حال الخطأ؛ لأن هذا غير ممكن، وإنما المراد صلاحية الإنسان للأداء مع قطع النظر عن الأمر العارض؛ لأنه ممكن الزوال وليس من لوازم الإنسان، والله أعلم. انظر: كشف الأسرار عن أصول الابزدوي ٤/٢٧٦، ٣٣٠، والتقرير والتحبير ٢/١٧٢، ١٧٧، ٢٠٤، ورفع الحرج للدكتور يعقوب الباحسين ص٢٦١، ٢٧٩، وعوارض الأهلية للدكتور حسين الجبوري ص١١٣، ٢١١، ٣٣٨، ٣٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>