للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما كان محرمًا خبيثًا وهو ما كان من وضع البشر وفلسفاتهم وطقوسهم التعبدية وشرائعهم الوضعية. فمن الغذاء الروحي الفاسد ما عليه الملل والديانات المنحرفة عن أصل الوحي الإلهي من يهودية ونصرانية وما كان من وضع البشر من مجوسية وبوذية وهندوكية ووثنية.

إن إحساس الإنسان بهذه الأشواق الروحية وتطلعه إلى إشباعها بالغذاء الروحي الصافي لا يقل أهمية عن إحساسه بالنقص وتطلعه إلى الكمالات.

كما أن من نتائج هذا الإشباع الإحساس بالقرب من الملأ الأعلى والتطلع إلى الدار الآخرة والزهد والتجافي عن الدار الدنيا، وإلى مثل هذه النتيجة يشير رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "والذي نفسي بيده إنكم لو تدومون على ما تكونون عليه عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم" ١.

وهي الحالة التي بلغها حارثة رضي الله عنه وأقره عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي رجلًا يقال له حارثة في بعض سكك المدينة فقال: "كيف أصبحت يا حارثة؟ " قال: أصبحت مؤمنًا حقًا، قال: "إن لكل إيمان حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟ " قال: عزفت نفسي عن الدنيا فأظمأت نهاري وأسهرت ليلي، وكأني بعرش ربي بارزًا وكأني بأهل الجنة في الجنة يتنعمون فيها وكأني بأهل النار في النار يعذبون، قال النبي صلى صلى الله عليه وسلم: "أصبت فالزم، مؤمن نور الله قلبه" ٢.


١ رواه مسلم في صحيحه، وفي كتاب التوبة: ٨/ ٩٥.
٢ رواه البزار. انظر: مجمع الزوائد للهيثمي: ١/ ٥٧.

<<  <   >  >>