تمثلت القيم الصحيحة في سيرة ذي القرنين وأعماله وأقواله، وهي في نفس الوقت تأكيد للقيم الصحيحة التي مر ذكرها في القصص الثلاث السابقة:
١- الحكم والسلطة والتمكين في الأرض ينبغي أن يسخر لتنفيذ شرع الله في الأرض وإقامة العدل بين العباد، وتيسير الأمر على المؤمنين المحسنين، وتضييق الخناق على الظالمين المعتدين ومنع الفساد والظلم وحماية الضعفاء من بطش المفسدين، وهي عكس ما ورد في قصة أصحاب الكهف حيث استخدمت السلطة والحكم في الانحراف والدعوة إلى الشرك {هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} .
٢- الرجال الأشداء ذوو الخبرات الفنية العالية في النواحي العسكرية والعمرانية والاقتصادية الذين كانوا طوع بنان ذي القرنين، وكذلك خضوع الأقاليم له وفتح الخزائن أمامه وتقديم خراب الشعوب له طواعيه، كل ذلك لم يدخل على نفسه الغرور والبطر والطيش والغواية بل بقي مثال الرجل المؤمن العفيف المترفع عن زينة الحياة الدنيا {مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} . وبعد الانتهاء من تشييد السد قال:{هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} .
وقارن هذا بما قاله صاحب الجنتين {فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} ، {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} .