وهذا اللون شبيه باللون الثاني إلا أن دائرة هذا اللون أضيق من دائرة سابقه.
حيث يبحث في هذا اللون عن الهدف الأساسي في السورة الواحدة، ويكون هنا الهدف هو محور التفسير الموضوعي في السورة.
وطريقة البحث في هذا اللون هو: أن يستوعب الباحث هدف السورة الأساسي، أو أهدافها الرئيسية، ثم يبحث عن سبب النزول للسورة أو الآيات التي عرضت الموضوع الأساسي للسورة، ثم ينظر إلى ترتيب نزول السورة من بين السور المكية أو المدينة، ثم يدرس الأساليب القرآنية في عرض الموضوع والمناسبات بين مقاطع الآيات في السورة. وسيجد الباحث أن لكل سورة شخصيتها المستقلة وأهدافها الأساسية. فمن المعلوم أن السور المكية قد عرضت أسس العقيدة الإسلامية الثلاثة بشكل مفصل: الألوهية، الرسالة، البعث بعد الموت، لذا يمكن أن يتناول الباحث في كل سورة مكية أحد الجوانب الثلاثة من العقيدة، كما اشتمل كثير منها على الحث على أمهات الأخلاق والتنفير من مرذولها.
ولم يظفر هذا اللون من التفسير الموضوعي بعناية المفسرين القدماء بل جاء في ثنايا تفاسيرهم الإشارة إلى بعض أهداف السور وخاصة القصيرة منها، وكذلك التوخي لوجه المناسبة بين مقاطع بعض السور، كما فعل الفخر الرازي في تفسيره الكبير، وكذا فعل البقاعي في نظم الدرر، وعبد الحميد الفارهي في كتابه نظام القرآن.
أما في العصر الحديث فقد كان سيد قطب مولعًا بعرض أهداف وأساسيات كل سورة، قبل البدء في تفسيرها، وبيان شخصية كل سورة وملامحها المتميزة عن بقية السور. والأساليب المتبعة في عرض أفكارها. فيعتبر كتابه "في ظلال القرآن" نموذجًا جيدًا وبخاصة مقدمة تفسيره لكل سورة.
كما كتب غيره ممن جاء بعده مستفيدًا من منهجه، كما فعل إبراهيم زيد الكيلاني في كتابه "تصور الألوهية كما تعرضه سورة الأنعام"، وكتابه "معركة النبوة مع المشركين" أو: قضية الرسالة كما تعرضها سورة الأنعام وبينها القرآن الكريم.
أما ما كتبه د. محمد البهي في رسائله المسماة بالتفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم فلا أعتبره من التفسير الموضوعي وإنما هو تفسير إجمالي للآيات في السورة كما لم يحدد موضوع كل سورة فسرها، وإنما جاء بكلام إنشائي للمعنى الإجمالي للآيات.