للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[نشأة التفسير الموضوعي]

لم يظهر هذا المصطلح "التفسير الموضوعي" إلا في القرن الرابع عشر الهجري، عندما قررت هذه المادة ضمن مواد قسم التفسير بكلية أصول الدين بالجامع الأزهر. إلا أن لَبِنات هذا اللون من التفسير وعناصره الأولى كانت موجودة منذ عصر التنزيل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فإن تتبع الآيات التي تناولت قضية ما والجمع بين دلالاتها وتفسير بعضها لبعض، مما أطلق عليه العلماء فيما بعد بتفسير القرآن بالقرآن، كان معروفًا في الصدر الأول، وقد لجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه عندما سئل عن تفسير بعض الآيات الكريمة:

- روى الشيخان وغيرهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: ٨٢] شق ذلك على الناس، فقالوا: يا رسول الله وأينا لا يظلم نفسه؟ قال: "إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم} [لقمان: ١٣] ، إنما هو الشرك" ١.

- روى البخاري٢ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسر مفاتح الغيب في قوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: ٥٩] فقال: "مفاتح الغيب خمس: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي


١ صحيح البخاري، كتاب التفسير: ٦/ ٢٠، صحيح مسلم، كتاب الإيمان: ١/ ٨٠.
٢ صحيح البخاري، كتاب التفسير: ٥/ ١٩٣.

<<  <   >  >>