للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[العرض الإجمالي للمقطع الثالث]

هذا المقطع بمثابة التعقيب على أحداث مقطع صاحب الجنتين.

ومن وحي ذكر الزينة الفانية الزائلة، والباقيات الصالحات.

لقد عرض المقطع جانبًا من مشاهد يوم القيامة وأحداثه.

فقد سيرت الجبال وسويت بالأرض بعد أن دكت ونفست فصارت كثيبًا مهيلًا كالعهن المنفوش، وأصبحت الأرض قاعًا صفصفًا لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا.

وحشر الناس كما خلقوا أول مرة١ وعرضوا صفًا على طبيعتهم من غير أصبغة وزخارف، فلا ملابس تميزهم، ولا مال يدل على ثرائهم وغناهم ولا أتباع يرمزون إلى مكانهم وجاههم.

وأسقط في أيدي أصحاب الزينة وأدركوا أن ما كانوا يتحاشون ذكره ويظنون بعيدًا ماثلًا أمامهم.


١ جاء في سورة الأنعام ما يشبه الموقف حيث قال تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام: ٩٤] .
والملاحظ ذكر الشفعاء والشركاء وتخليهم عن أوليائهم يوم القيامة في آية الأنعام بينما لم يرد لهم ذكر في سياق آية الكهف، والحكمة في ذلك -والله أعلم- أن آية الأنعام جاءت في سياق الحديث عن نفي الشركاء وبعد محاجة إبراهيم عليه السلام قومه وإقامة الأدلة والبراهين على الوحدانية.
بينما آية الكهف جاءت في سياق الحديث عن القيم الزائفة من زينة الحياة الدنيا من المال والبنين، لذا ذكر حشرهم مجردين كما خلقوا أول مرة فلا مال ولا نفر.

<<  <   >  >>