لا يمكن الفصل بين أنواع التفسير فصلًا رياضيًا بحيث تنقطع وشائج القربى بينها ويكون لكل نوع مجاله وأسلوبه ونتائجه.
وذلك لأن مجال البحث واحد وهو كلام الله سبحانه وتعالى، والغاية التي يهدف إليها المفسر واحدة أيضًا وهي الكشف عن مراد الله سبحانه وتعالى من الآيات على قدر الطاقة البشرية، إلا أن مناهج المفسرين للوصول إلى الغاية هي التي تختلف بعض الشيء.
وحتى هذا الاختلاف في المنهح ليس اختلاف تباين وانفصال وتضاد بل هو اختلاف تنوع وتعاضد وترادف.
وبعض أنواع التفسير تعتبر أساسًا للانطلاق منه إلى غيره فلا يستغني عنه المفسر الباحث في أي نوع من أنواع التفسير.
فالتفسير التحليلي لا يستغني عنه الباحث في التفسير الإجمالي أو الموضوعي أو المقارن، وذلك لأن التفسير التحليلي ينصب على معرفة دلالة الكلمة اللغوية ودلالتها الشرعية، والتعرف على الرابط بين الكلمات في الجملة وبين الجمل في الآية وبين الآيات في السورة. وكذلك التعرف على القراءات وأثرها على دلالة الآية، ووجوه الإعراب ودورها في الأساليب البيانية وإعجاز القرآن الكريم. وغيرها من الوجوه التي تساعد على إخلاء المعنى وتوضيح المراد.
فالذي يريد تفسير الآيات تفسيرًا إجماليًا لا يستطيع أن يعبر عن موضوع الآيات التي يريد التعبير عنها بأسلوبه الخاص لتقريب المعاني وإبراز جوانب الهداية منها ما لم يلم بتفصيلات ما تقدم من أمور التفسير التحليلي لاستجلاء المعنى المراد ثم صياغته بأسلوب يتناسب مع المدارك الثقافية للمخاطبين.