نتعرض بشكل مفصل للحوار الذي جرى بين نوح وابنه، وماذا حدث من أمور كونية في إهلاك القوم كما عرضتها سورة "هود" وسورة "المؤمنون" وغيرهما، ولكن من المناسب جدًا أن نذكر ما يتعلق بالحوار والأساليب الجدلية التي اتبعها القوم كما ذكرتها السور نفسها.
إن لكل سورة هدفها وشخصيتها وأسلوبها في عرض القضايا فينبغي عدم طمس هذه المعالم للسورة بحشر تفصيلات تاريخية أو قصصية أو بلاغية فيها على حساب الهدف الأساسي.
ومثل آخر من سورة "البروج" فالمحور الذي تدور عليه السورة: الصراع بين أهل الإيمان وأصحاب السلطة الطواغيت، وبيان أن النهاية لأهل الإيمان.
وقد جاء ذكر فرعون وثمود في السياق للاستدلال بمصيرهم على أن الغلبة لجند الله سبحانه وتعالى مهما تجبر الطغاة العتاة فإنهم لن يعجزوا الله عز وجل، وأن المؤمنين هم المنصورون وأن دعوتهم هي الفائزة ولو ذهبت أنفس الدعاة قرابين لنصرتها.
فينبغي أن يدور التفسير في هذا الإطار، فلا يتناسب مع هذا الهدف أن نسرد التفصيلات في أمر فرعون وما جرى بينه وبين موسى عليه السلام وكيف تبع بني إسرائيل ثم كان مصيره الغرق.
ولا يستدعي الأمر بيان ديار ثمود وأصل انحرافهم وما جرى بينهم وبين نبيهم صالح عليه السلام ولا الآية التي طلبوها ثم انقلبوا على أعقابهم فأخذتهم الصيحة.
إن أجواء السورة لا تحتمل هذه التفصيلات، فينبغي الدوران مع المحور حوف الهدف الأساسي للسورة وعدم الخروج عن خاصيات السورة وملامحها وشخصيتها.