للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المناسبات بين المقطع الثالث وما قبله]

يأتي هذا المقطع مختلفًا في أسلوب العرض عن المقطعين السابقين، حيث تعرض مشاهد سريعة من مشاهد يوم القيامة، وهي بمثابة النتائج لتصرفات المغرورين بالقيم الزائفة في الحياة الدنيا ولعل من أبرز وجوه المناسبة بين هذا المقطع والمقطع السابق.

١- لما انتهى المقطع السابق بذكر الباقيات الصالحات، وأنها خير ثوابًا وخير أملًا، بدأ هذا المقطع بذكر اليوم الذي تظهر فيه الخيرية للباقيات الصالحات وهو {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً} حيث تبرز قيم الأشياء على حقيقتها للعيان.

٢- لما كانت زينة الحياة الدنيا أكبر همهم ومبلغ علمهم -كما عرض في المقطع السابق- بين لهم في هذا المقطع أن الذي يزين لهم ذلك هو عدوهم الأول إبليس، فلا ينبغي اتخاذه وذريته أولياء، لأنه سيؤدي بهم إلى المهالك وسوء المصير، إلى جهنم ولن يجدوا لهم عنها مصرفًا.

أما الباقيات الصالحات فستعيدهم إلى ما كان فيه أبوهم آدم عليه السلام من التكريم والنعيم المقيم.

٣- تشابه بين المواقف الثلاثة:

- موقف مشركي قريش من فقراء المسلمين وتكبرهم عليهم.

- وموقف صاحب الجنتين وتكبره على صاحبه وقوله: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} وقوله: {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} .

- وموقف إبليس من آدم {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} . وإبليس في موقفه هذا قدوة كل متكبر على الحق ومن كان إبليس وليه وقدوته فقد خسر الدنيا والاخرة.

٤- منهج المعرفة الخاطئ يجمع بين الطوائف الثلاث:

فقد جعل زعماء قريش النسب والثروة ميزان التقويم ومقياس التفاضل وجعل صاحب الجنتين الثروة وكثرة الرجال والمزايا الشخصية معيار الخيرية وجعل إبليس الماهية التي خلق منها الميزان والمقياس {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: ١٢] .

<<  <   >  >>