للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامسًا: أدلة التوحيد من خلال إثبات صفات الكمال لله سبحانه وتعالى وتنزيهه عن صفات النقص

إن الكمالات كلها ثابتة لله سبحانه وتعالى وبما أن أنواع الكمالات لا يمكن أن يدركها البشر، فقد بينها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز من خلال ذكر الصفات الجليلة، لذا كانت هذه الصفات توقيفية لا يستطيع الإنسان أن يضع له صفة من عنده لأنها قد تكون صفة نقص من حيث يريد الإنسان تقديس الله سبحانه وتعالى، وذلك لأن الإنسان المحدود العقل المتأثر بما حوله من مفاهيم، وتصورات وخيالات، لا يستطيع أن يحيط علمًا بصفات الكمال للخالق غير المحدود سبحانه وتعالى: "لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك" ١. ويقول ابن القيم في "مدارج السالكين": حمد الله سبحانه وتعالى نفسه على عدم اتخاذ الولد المتضمن لكمال حمديته وغناه وملكه، وتعبيد كل شيء له، فاتخاذ الولد ينافي ذلك، كما قال تعالى: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [يونس: ٦٨] .

وحمد نفسه على عدم الشريك المتضمن تفرده بالربوبية والإلهية وتوحده بصفات الكمال التي لا يوصف بها غيره فيكون شريكًا له، لو عدمها لكان كل وجود أكمل منه لأن الموجود أكمل من المعدوم، ولهذا لا يحمد نفسه سبحانه بعدم إلا إذا كان متضمنًا ثبوت كمال.


١ جزء من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في سجوده حيث كان يقول: "اللهم أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك" صحيح مسلم، كتاب الصلاة: ٢/ ٥١.

<<  <   >  >>