للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ، عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [المؤمنون: ٩١-٩٢] .

فالحقيقة أن لا إله مع الله، ولم يتخذ الله سبحانه وتعالى ولدًا، ولكننا لو سلمنا جدلًا بهذا الافتراض الخاطئ فما هي النتائج التي تترتب على ذلك: يترتب على ذلك استعلاء بعضهم على بعض، فلا ينتظم أمر الكون ولا ينفذ فيه حكم ولا تتحقق مصلحة، وبالتالي في ذلك اختلال نظام المخلوقات واستحالة استمراره.

والواقع المشاهد خلاف ذلك، فدل هذا الواقع على أن تعدد الآلهة محال لما يلزم عليه من المحال. كما أن افتراض وجود آلهة متعددة يؤدي إلى استعلاء بعضهم على بعض، ومنع كل منهم غيره من التدخل في شئونه وهو محال مصادم لما تستلزمه صفات الكمال المطلق للإله المعبود بحق.

{قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا، تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء: ٤٢-٤٤] .

ملحوظة: الفرق بين دليل التمانع في قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} وبين دليل الفرض والتسليم في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} .

أن الأول: يستلزم اختلال أحوال المخلوقات السماوية والأرضية وهو ما تبطله المشاهدة.

أما الثاني: فيستلزم النقص في ذات الإله وهو محال لأن الإلهية تقتضي الكمال المطلق١.


١ انظر: "التحرير والتنوير" للظاهر بن عاشور: ١٨/ ١١٦ بتصرف.

<<  <   >  >>