للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على المرعى والحجارة والمعادن والأخشاب، وفساد كل من ذلك ببطلان نظامه الصالح.

ووجه انتظام هذا الاستدلال أنه لو تعددت الآلهة للزم أن يكون كل إله متصفًا بصفات الإلهية المعروفة آثارها، وهي الإرادة المطلقة والقدرة التامة على التصرف.

ثم إن التعدد يقتضي اختلاف متعلقات الإرادات والقدر، لأن الآلهة لو استوت في تعليقات إراداتها ذلك لكان تعدد الآلهة عبثًا للاستغناء بواحد منهم"١.

ولو كان مع الله آلهة أخرى لحاول بعضهم أن يتصرف في الكون حسب إراداته وعندئذ يشهد الكون حروبًا مروعة مدمرة، ويكون ميدانًا لصراع رهيب بين الآلهة المتنازعة.

فإذا كان مصير الكرة الأرضية بات في خطر من جراء تنازع القوى المدمرة من صنع البشر، فكيف الحال عندما تكون القوى المتنازعة بيدها أزمة الأمور في عالم الغيب والشهادة.

إن فكرة تعدد الآلهة لا يقرها عقل يحترم نفسه، ولا يؤيدها الواقع المنظم الذي يؤدي دوره المفيد حسب سنن مضطردة.

إن دوام السماوات والأرض على انتظامهما في مخلتف العصور والأحوال يدل على أن لها إلهًا واحدًا غير متعدد. {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [فاطر: ١-٣] .

ثالثًا: دليل الفرض والتسليم:

وهذا النوع من الاستدلال يقوم على التسليم بدعوى الخصم تسليمًا جدليًا، -ولو كانت دعوه مستحيلة- ثم يستدل على إبطال الدعوى بالنتائج الخاطئة المتناقضة التي تترتب على هذه الدعوى، يقول تعالى:


١ التحرير والتنوير: ١٧-٣٩.

<<  <   >  >>