[الوقفة الثالثة: مع يأجوج ومأجوج؛ حقيقتهم ومصيرهم]
تضاربت أقوال المفسرين في حقيقة يأجوج ومأجوج وأشكالهم وأوصافهم وأعمارهم وتناسلهم. وليس فيها شيء مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذا آثرنا أن نضرب صفحًا عن تلك الأخبار والأقاويل، ولنا وقفة مع بعض الأحاديث الصحيحة التي تحدثت عن خروجهم قبيل قيام الساعة، فيما بعد.
ولكني وجدت تحقيقًا قيمًا فيما كتبه أبو الكلام آزاد حول القبائل المتوشحة في شمال شرق القارة الآسيوية وهجماتهم على العالم المتحضر في الجنوب والغرب، فأنقله بنصه مع شيء من الاختصار فإن هذا التحقيق يلقي أضواء على أصل قبائل يأجوج ومأجوج. يقول أبو الكلام آزاد:
"تسمى هذه البقعة الشمالية الشرقية "منغوليا" وقبائلها الرحالة "منغول" وتقول لنا المصادر الصينية أن أصل كلمة منغول هو "منكوك" بالكاف الفارسية بعد النون، أو "منجوك" بالجيم الفارسية، وفي الحالتين تقرب الكلمة من النطق العبري "ماكوك" بالكافين الفارسيتين، النطق اليوناني "ميكاك" بالكافين الفارسيتين، ويخبر تاريخ الصين عن قبيلة أخرى من هذه البقعة كانت تعرف باسم "يواشي"، والظاهر أن هذه الكلمة ما زالت تحرف عند الأمم حتى أصبحت يأجوج في العبرية"١.
ثم يستعرض أبو الكلام آزاد كيف أن أرض منغوليا كانت مصدرًا لدفعات بشرية إلى الجنوب الشرقي "الصين" وإلى الجنوب الغربي، والغرب أحيانًا، وكثير من هذه الهجمات البشرية قد استوطنت الأرض التي احتلتها ومالت إلى الزراعة والصناعة، إلا أن مسقط رأس تلك الموجات البشرية بقيت على توحشها، وبقيت مصدر قلق للشعوب المتحضرة، ويستعرض أبو الكلام آزاد من خلال التاريخ سبع هجمات لهذه القبائل:
الأولى: كانت قبل العصر التاريخي عندما بدأت هذه القبائل تهاجر من الشمال الشرقي وتنتشر في آسيا الوسطى.
الثانية: في فجر التاريخ، ونرى معالم حياتين مختلفتين: حياة البداوة وحياة الاستقرار، فتخلد القبائل المهاجرة إلى السكينة، وبدأ هذا الدور من نحو سنة ١٥٠٠ ق. م. إلى سنة ١٠٠٠ ق. م.
الثالثة: من سنة ١٠٠٠ ق. م. فنجد قومًا همجًا من البدو في بلاد بحر الخزر والبحر الأسود، ثم لا يلبث هو أن يظهر بأسماء مختلفة ومن وجهات مختلفة،