للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[العرض الإجمالي لقصة الفتية المؤمنين]

تمثل هذه القصة جانبًا من الحياة البشرية ومشهدًا يتكرر عند وجود العقيدة الصحيحة في مجتمع ما، مهما كان وضع هذه العقيدة قوة أوضعفًا، ففي حال قوتها يكون السواد الأعظم من الناس يتحلون بها، ولا توجد مظاهر تلفت النظر.

أما في حال ضعف أصحاب العقيدة الصحيحة وقلتهم، فإن هذا النموذج يبرز، ولعل أبسط صورة لها ما ورد في قصة هؤلاء الفتية.

- إن المجتمع جاهلي وثني، ولا يتعرف إلا على القوة والثورة والمتع والشهوات والحكم الجائز يفرض نفسه، وقد ألقى بثقله على الناس، فلا يستطيعون النظر إلا من خلاله، ولا التنفس إلا برئتيه، ولا الإطعام إلا من يديه.

تحف المظاهر الكاذبة بأبهة السلطة، والمنافقون المتزلفون يرتعون في الملذات من خلال تزيين الباطل للحاكم المستبد.

فالناس الماديون أصحاب المصالح ينظرون من خلال الواقع، والواقع يصور أمامهم كما يلي:

- لا شبع من غير طعام، ولا طعام من غير مال، ولا مال إلا عند الدولة.

- ولا شرف ولا سمعة ولا جاه إلا بالوظيفة، ولا وظيفة إلا عند الدولة.

- ولا هدوء ولا سلامة إلا بمسايرة الناس وموافقة المجتمع، ولا موافقة إلا باتباع العقيدة السائدة والرأي العام المسيطر١.

هذه منطلقات الفلسفة المستندة على الأسباب والمسببات، وهي القيم التي يحتكمون إليها.

ولكن شعلة الإيمان إذا اتقدت في النفوس، وبدأت تنير القلب والفكر والجوارح، وتقطع أواصر الثقل الأرضي وتسمو بالروح وتبلغ الشفافية بالمؤمن أن


١ انظر تأملات في سورة الكهف لأبي الحسن الندوي: ٥٢ بتصرف واختصار.

<<  <   >  >>