إن القول بوجود المناسبات بين السور يعتمد على القول بأن ترتيب السور في المصحف توفيفي لا اجتهادي.
لذا كان لا بد من عرض أقوال القائلين بذلك مع أدلتهم، ومناقشة أدلة القائلين بأن ترتيب السور كان باجتهاد من الصحابة رضوان الله عليهم.
ذهب جمهور العلماء إلى أن ترتيب السور في المصحف توقيفي أيضًا للأدلة الكثيرة في ذلك، وسنورد جملة منها فيما بعد.
أما من ذهب إلى أن اجتهادي أو بعضه توقيفي وبعضه اجتهادي فلا مستند لهم في قولهم سوى أمرين أو بالأحرى شبهتين:
الشبهة الأولى:
قالوا إن مصاحف بعض الصحابة لم تكن مرتبة ترتيب مصحف عثمان رضي الله عنه فمصحف علي رضي الله عنه كان أوله: اقرأ ثم المدثر ثم "ن" ثم المزمل ثم تبت ثم التكوير وهكذا إلى آخر المكي والمدني، أي كان مرتبًا حسب زمن النزول.
ومصحف ابن مسعود كان أوله البقرة ثم النساء ثم آل عمران.
وهذا لا حجة فيه لهم لأن مصاحف الصحابة كانت مصاحف شخصية لم يحاولوا أن يلزموا بها أحدًا، ولم يدعوا أن مخالفتها محرمة. والمرء قد يكتب لنفسه مصحفًا أو سورًا معينة يخشى من التباس الأمر فيها نسيانًا أو غير ذلك. فيكتب بالطريقة التي يشأ وهذا ما يفسر لنا القول بأن بعض الصحابة لم يكتب في مصحفه