المعوذتين وأن بعضهم كان قد كتب في مصحفه سورة الخلع والحفد المنسوخة كأبي بن كعب. ولهذا لما اجتمعت الأمة على ترتيب عثمان رضي الله عنه أخذوا به وتركوا مصاحفهم الشخصية، ولو كانوا يرون أن ترتيب المصحف اجتهادي لدعوا إلى التمسك بترتيبهم الخاص ولم يتنازلوا عنه.
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن الخلاف لفظي فقط في الادعاء أن ترتيب السور اجتهادي حيث نقلوا عن الإمام مالك قوله: إنما ألفوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم مع قوله بأن ترتيب السور اجتهاد منهم فآل الخلاف إلى أنه: هل ذاك بتوقيف قولي أو بمجرد استناد فعلي١؟
الشبهة الثانية:
اعتمدوا على حديث ضعيف جدًا -بل يمكن أن يقال إنه لا أصل له- لأن إسناده يدور على "يزيد الفارسي" الذي رواه عن ابن عباس. ويزيد الفارسي هذا يذكره البخاري في الضعفاء -انظر تعليق أحمد شاكر على الحديث رقم ٣٩٩ في مسند الإمام أحمد، ج١ ص٣٢٩.
فقد ورد هذا الحديث على الشكل التالي:
حدثنا يحيى بن سعيد ثنا سعيد ثنا عوف ثنا يزيد -يعني الفارسي- قال أبي أحمد بن حنبل وثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن يزيد قال: قال لنا ابن عباس رضي الله عنهما: قلت لعثمان بن عفان: "ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا -قال ابن جعفر- بينهما سطرًا بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطوال؟ ما حملكم على ذلك؟ " قال عثمان رضي الله عنه: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مما يأتي عليه الزمان ينزل عليه من السور ذوات العدد وكان إذا أُنزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده يقول: "ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا" وينزل عليه الآيات فيقول: "ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا" وينزل عليه الآية