قد يجد الباحث عند تفسيره لسورة ما تفسيرًا موضوعيًا تناول السورة لقضية من القضايا القرآنية بإيجاز أو بإسهاب، وقد تتكرر هذه القضية في سورة أخرى أكثر إطنابًا أو أكثر إيجازًا، فما موقف الباحث من هذه القضية؟
هل يجعلها مدخلًا للتوسع في هذه القضية فيَلُم شتاتها من خلال السورة الأخرى ويجمعها في هذا الموضوع، أو يشير إشارة سريعة إلى القضية ولا يتناولها بالبحث لأنه يفسر سورة معينة ولا يفسر موضوعًا من خلال القرآن؟
أرى في مثل هذه المواطن أن محور البحث في السورة أو الهدف الأساسي في السورة هو الذي يحدد طبيعة البحث في مثل هذه القضايا.
إن تكرار الموضوعات والقصص في القرآن الكريم وفي سور متعددة لحكم وأسرار قد لا نحيط بها، ولكن من الواضح من هذه الحكم وعلى رأسها أن أسلوب العرض في كل مكان يتناسب مع أجواء السورة وأهدافها فإن كان محور السورة يدور حول قضية لإثباتها فلا بأس أن نتعرض عند ذكر القضية لتفصيلاتها التي ذكرت في سور أخرى، ولكن إذا كانت القضية ذكرت بشكل عرضي وجزئي للاستدلال بها على هدف السورة الأساسي وهو غير هذه القضية فلا يناسب المقام أن نتعرض لجزئياتها في سور أخرى.
فمثلًا سورة "نوح" عليه السلام هدفها الأساسي إبراز جانب دعوة نوح عليه السلام وموقف قومه من الدعوة.
فليس من المناسب عند عرضنا لهذا الموضوع من خلال سورة نوح أن