للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأرقاء، ومن كانت تربطه برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة روابط شخصية خاصة كأبي بكر رضي الله عنه. وتقاعس أهل الثراء والغنى وأهل الجاه والزعامة.

وذلك لأن أهل الثراء ينظرون إلى الدعوة من خلال مصالحهم المادية وما تدره الدعوة عليهم من مال ونشب، أو تفوت عليهم من مصالح وتلحق بهم من خسارة، فإن بان لهم -وخاصة في بداية الأمر- أنها مغارم وليس مغانم كانوا أبعد الناس عنها، بل كانوا من العقبات الشديدة في عرقلة مسيرتها١.

وصاحب الجاه والزعامة ينظر إلى مكانته في هذه الدعوة الجديدة، هل تبقى له الزعامة ويكون المقدم فيها، أو أنه سيفقد مكانته ويكون تابعًا كسائر الناس. فإن لم يضمن المكانة والمنزلة في الدعوة الجديدة لم يسلم له القياد، بل كان من جملة العقبات في سبيل انتشارها.

وكلا الفريقين يأتي ويساوم صاحب الدعوة، ماذا ستكون لنا إن نحن تبعناك ونصرنا دعوتك هل يكون لنا الأمر من بعدك٢.

وهنا تختلف الدعوة الربانية عن غيرها من الدعوات، إن الأمر لله من قبل ومن بعد يضعه حيث يشاء، ولكنهم إن آمنوا وعملوا الصالحات والتزموا أحكام دعوة الله وأخلاقها فلهم الجنة، أما في الدنيا فإن شأن الدنيا أحقر من أن تكون عوضًا عن الإيمان بالله والجهاد في سبيله وقد تأتي تبعًا ومن غير قصد إليها، ولكن لا تشكل في حال من الأحوال الغرض الأساسي في المتاجرة مع الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: ١١١] .

وصاحب أي دعوة وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلغي من حسابه الأسباب


١ هذه قاعدة غالبية فوجد بعض الأغنياء بين الرعيل الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبطل القاعدة الغالبية، فلكل قاعدة استثناءات.
٢ انظر: أحداث سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما عرض نفسه على القبائل لحمايته ونصره دعوته.

<<  <   >  >>