ولا يخلو مقطع من هذه المقاطع من الدعوة الصريحة إلى توجيه العبادة لله سبحانه وتعالى والإخلاص له في القول والعمل وترك عبادة الطواغيت والآلهة المزعومة والشركاء.
ولو حددنا وجهة نظرنا في البحث عن الدعوة إلى الإيمان باليوم الآخر من خلال افتتاحية سورة الكهف وقصصها الأربع وخاتمتها، لوجدناها من أبرز القضايا في كل المقاطع بحيث لا نحتاج إلا لاستعراض سريع لآيات، والأدلة أكثر من أن تساق للاستشهاد بها.
ولو أمعنا النظر في الآيات باحثين عن قضية إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم من خلال آيات السورة لوجدناها محورًا أساسًا في ذلك يعيننا في تحديد معالم ذلك سبب النزول والافتتاحية والخاتمة بشكل قوي لافت للنظر، ولوجدنا أن هناك روابط قوية تشد القصص الأربع إلى هذا المحور شدًا لا يمكن الفكاك منه.
ولو أردنا أن نلقي أضواءً على أمهات الأخلاق التي استهدفت الكهف ترسيخها والقيم الثابتة التي دعت إليها بالدعوة الصريحة لها أحيانًا والتمثيل الرائع بضرب الأمثال للقيم الحقيقية وضرب الأمثال للقيم الزائفة الخادعة التي تموه الباطل على الناس وتظهره على غير حقيقته أحيانًا أخرى وبالترغيب في التمسك بالحقائق والقيم الخلقية الرفيعة، والترهيب من القيم الزائفة الداجلة أحيانًا، لأدركنا أن هذا الهدف الذي ترمي إليه السورة لا يقل أهمية عن الأهداف الثلاثة الأولى.
وهكذا فحينما تحدد زاوية الرصد للآيات الكريمة ومقاطع السورة -بشرط أن تكون رؤيتنا صحيحة، وإحاطتنا بقضايا السورة العامة وأسباب نزولها دقيقة- نجد أن لكل سورة شخصيتها المستقلة وهدفها أو أهدافها المحددة التي ترمي إليها، وأسلوبها الخاص بها، واختيار طريقة العرض للقضايا، وسوق القصص اختصارًا أو إسهابًا أو إشارات مقتضبة، كل ذلك لتكمل شخصية السورة وأجواؤها لإبراز الهدف الأساسي أو القضايا الرئيسية التي تناولتها السورة.
٤- المناسبات بين مقاطع السورة ودورها في التعرف على هدف السورة أو محورها: