للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي يسعى إليها وأسلوب التعامل الذي يتعامل به مع الكائنات الأخرى من بينه وغيرهم.

{قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: ٣٨] .

إن الأسرة الأولى في الاجتماع البشري تكونت في ظل الوحي الرباني، ومن يتلو قصة ابني آدم وهما عضوا الأسرة الأولى يجد في الحوار الذي دار بينهما أن القضايا الأساسية في العقيدة والسلوك البشري كانت واضحة المعالم في ذهنيهما يقول تعالى:

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ، لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ، فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ، فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة: ٢٧-٣١] .

عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقتل نفس ظلمًا إلا كان علي ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل" ١ رواه الإمام أحمد والجماعة سوى أبي داود. فالإيمان بالله سبحانه وتعالى، والتقرب إليه بصالح الأعمال ابتغاء مرضاته، وتقوى الله تعالى والالتزام بها مدعاة لقبول الأعمال، وخشية الله تعالى من سوء عاقبة الأعمال السيئة والآثام التي تؤدي بصاحبها إلى النار، والجزاء الأخروي للمحسنين وللمسيئين على ما اقترفوه في الحياة الدنيا. كل هذه أسس العقيدة الموحى بها في الشرائع السماوية جميعها، كانت واضحة المعالم في أذهان ابني آدم الأولين.


١ مسند الإمام أحمد: ١/ ٣٨٣؛ صحيح البخاري، كتاب الجنائز: ٢/ ٧٩؛ وصحيح مسلم، كتاب القسامة: ٥/ ١٠٦.

<<  <   >  >>