للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسدت مسامعه الشهوات١، واختار الفانية على الباقية؟ ولا تذكرون أنكم أحدثتم في الإسلام الحدث الذي لم تسبقوا إليه: من ترككم الضعيف يقهر ويؤخذ ماله ... إني رأيت آخر هذا الأمر٢ لا يصلح إلا بما صلح به أوله: لين في غير ضعف، وشدة في غير عنف، وأني أقسم بالله لآخذن الولي بالمولى٣، والمقيم بالظاعن٤، والمقبل بالمدبر، والمطيع بالعاصي، والصحيح منكم في نفسه بالسقيم، حتى يلقى الرجل منكم أخاه فيقول: انج سعد فقد هلك سعيد٥ أو تستقيم قناتكم٦ ... أيها الناس إنَّا أصبحنا لكم ساسة، وعنكم ذادة، نسوسكم بسلطان الله الذي أعطانا، ونذود عنكم بفيء٧ الله الذي خولنا، فلنا عليكم السمع والطاعة فيما أحببنا، ولكم علينا العدل فيما ولينا، فاستوجبوا عدلنا وفيئنا بمناصحتكم لنا، واعلموا أني مهما قصرت عنه فلن أقصر عن ثلاث: لست محتجبًا عن طالب حاجة منكم ولو أتاني طارقًا بليل، ولا حابسًا عطاء، ولا رزقًا عن إبانة، ولا مجمرًا٨ لكم بعثًا، فادعوا الله بالصلاح لأئمتكم، فإنهم ساستكم المؤدبون لكم، وكهفكم الذي إليه تأوون، ومتى يصلحوا تصلحوا، ولا تشربوا قلوبكم بغضهم، فيشتد لذلك غيظكم، ويطوله له حزنكم.


١ سار أسير شهواته.
٢ الحكومة الإسلامية.
٣ أعاقب السيد بذنب خادمه.
٤ الظاعن: المسافر.
٥ مثل يضرب في تتابع الشر.
٦ القناة الرمح أو عود يشبهه والمراد أن يستقيموا في سلوككم.
٧ الفيء: أموال الحرج.
٨ تجمير الجند إبقاؤهم في عملهم وحبسهم في أرض العدو.

<<  <   >  >>