في سبيل الغايات لم يتسبث بتحرج علي وسرعة غضبه، اعتمد على قوة عقله أكثر من قلبه، تلمسه حريرًا ولكنك تلبسه شوكًا وقتادًا. هذه هي الشخصية السياسية المرنة التي غلبت شخصية علي المتحرجة فكانت النتيجة انتصار البراعة الأموية على الشجاعة الهاشمية.
٣- ولكن زيادًا رفع في وجوه البصريين -والعراقيين جميعًا- سيفًا صارمًا، ولقيهم بأيد خشنة، وأقام عليهم الحجة بما عملوا من آثام ثم رسم الخطة التي يحكم بها مقلدًا عمر بن الخطاب ومتجاوزه في الشدة إذ أخذ بالشبهة وفرض النظام فرضًا فلا مفر للناس من اعتناقه، وإن تهاونوا فالسيف أو الباطل يخوضه ليصل إلى الحق. زياد -كهتلر وموسوليني ومصطفى كمال- حازم الرأي، صارم العزيمة ذكي عملي، إذا اقتنع بالرأي فرضه، حاد الذكاء واللسان، منظم التفكير حسن التدبير، هو وسط بين عمر بن الخطاب والحجاج في سياسته، مخلص لمصالح الدولة، غضب من الناس وألزمهم ما شاء ولكن عليا سخط عليهم وتحاشاهم فكان زياد أصلح حاكم للعراقيين.
ويمكن تلخيص ذلك في أن عليًّا شجاع ساخط، ومعاوية سياسي بارع، وزيادًا حاكم حازم.