للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عماد الدين الأصفهاني المتوفى سنة ٥٩٧هـ كتب في التاريخ بهذا الأسلوب الذي عاد مغلقًا فألف كتابه "الفيح القسي في الفتح القدسي" وصف فيه فتح صلاح الدين لبيت المقدس بعبارة مسجوعة منها: "رحل من عسقلان للقدس طالبًا، وبالعزم غالبًا، وللنصر مصاحبًا، ولذيل العز ساحبًا، قد أصبحت ريض مناه، وأخصب روض غناه، وأصبح رائح الرجاء، سيب العزف، طيب العرف ظاهر اليد قاهر الأيد، سنا عسكره قد فاض بالفضاء فضاء، وملا الملأ فأفاض الآلاء".

والثاني:

شكلي حين يختلفون في مقدار حرصهم على المحسنات وما يجمعون منها في رسائلهم وفي طول السجع وقصره، ودقة الطباق، وطبعية الأسلوب وقد رأيت مثالًا للبديع يمثل السجع القصير، القصد في الجناس وملاءمة الطباق.

ونورد هنا قسما من الرسالة١ لشهاب الدين بن فضل الله العمري -تصور لنا التعلق بالصنعة في غير موضعها ثم الإسراف فيها حتى عادت غثة غير مقبولة- كتبها بين يدي سلطانه إلى نائب الشام صحبة طيور صيد جوارح أرسلها إليه، قال بعد الديباجة: "ولا زالت مواهبنا تخصه بالمزيد، وتنفحه بما يريد، وتجعل له من الجوارح ما تعترف لها السهام بأنها بغير جناحية لا تصيب ولا تصيد. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي بسلام جميل الافتتاح، وثناء يطير إليه، وكيف لا تطير قادمة بجناح؟ ونعلمه أن مكاتبته المتقدمة الورود تضمنت التذكار من الجوارح بما بقي رسمه، وجرب عادة صداقتنا الشريفة أن تحسب في قسمه، وقد جهزنا له الآن ثلاثة طيور، لا يبعد


١ أحمد الإسكندري: تاريخ أدب اللغة العربية في الدول المتتابعة ص٩٢.

<<  <   >  >>