ولأبي العتاهية، والبهاء زهير، والبحتري، وغيرهم أمثلة لهذه المحمودة.
٧- ولما كان الشعر أدخل في باب الفن وأشد تمثيلا له كان أميل إلى الإيجاز والقصد في تأليف العبارات؛ فمن حقه الاكتفاء بالعناصر الرئيسية كالمسند والمسند إليه دون التزام الفضلة، وكثرة الروابط مثل حروف العطف، والجر، والضمائر، كذلك يكتفي الشعر بالمقدمات دون النتائج، وعكس ذلك أيضًا، مائلا بذلك إلى الرمز والإشارة واللمحة دون التصريح والتفسير. ولنذكر مثالا لذلك قول المتنبي:
ومراد النفوس أصغر من أن ... تتعادى فيه وأن تتفانى
غير أن الفتى يلاقي المنايا ... كالحاتٍ ولا يُلاقي الهوانا
فإن نثر هذين البيتين يبين لنا العبارات المحذوفة إيجازًا واكتفاء، يقول: إن ما تبتغيه النفوس "من طعام وشراب ولباس" أصغر من أن يحتاج الناس في "الحصول عليه" إلى التعادي والتفاني، ولكن الناس مع ذلك لا يكفون عن التحارب والتباغض فما سر ذلك إذًا؟ السر هو الحرص على الحرية والكرامة والعزة التي "يفضل الإنسان الموت في سبيلها عن أن يقبل المذلة والهوان" مسلمًا راضيًا.