للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الآخر:

[١٢٤]

عَبَأْتُ له رمحًا طويلا وَأَلَّةً ... كأنْ قَبَسٌ يُعْلَى بها حين تُشْرَعُ

وقال الآخر

[١٢٥]

وخَيْفَاء أَلْقَى الليث فيها ذراعه ... فَسَرَّتْ وساءت كلَّ ماشٍ ومُصْرِمِ


[١٢٤] هذا البيت من كلام مجمع بن هلال؛ وهو تاسع عشرة أبيات رواها أبو تمام في الحماسة "انظر شرح المرزوقي ص٧١٣" وقد استشهد بالبيت رضي الدين في شرح الكافية، وشرحه البغدادي في الخزانة "٤/ ٣٦١" وعبأت: أعددت وهيأت، والرمح معروف، والألة -بفتح الهمزة وتشديد اللام- السنان، وأصله من الأليل وهو البريق واللمعان، وفسر ابن منظور الألة بالحربة العظيمة النصل، وفرق قوم بين الألة والحربة فخصوا الألة بما كانت كلها من حديد، والحربة بما كانت يدها من خشب، والقبس -بالتحريك- الجذوة من النار، وتشرع -بالبناء للمجهول- أي تصوب للطعن، والاستشهاد بالبيت في قوله "كأن قبس يعلى بها ... إلخ" وقبس يجوز فيه الرفع والنصب والجر، وهي الوجوه التي ذكرناها في كلمة "ظبية" في البيت السابق، فالجر على أن تكون الكاف حرف جر، وأن زائدة، وقبس مجرور بالكاف، والنصب على أن يكون كأن حرف تشبيه مخفف من الثقيل، وقبسا: اسم كأن، وخبره محذوف، والتقدير: كأن قبسًا هذه الألة، ويكون من التشبيه المقلوب، ويجوز أن يكون خبر كأن هنا هو جملة يعلى بها، وأما الرفع فعلى أن يكون كأن حرف تشبيه مخفف من الثقيل، واسمه محذوف، وقبس خبره، وتقدير الكلام: كأنها أي هذه الألة قبس، وجعل الرضي اسم كأن -على رواية رفع قبس- ضمير شأن محذوف، وعليه يكون قبس مبتدأ، وجملة يعلى صفة لقبس، وفي يعلى ضمير مستتر يعود على قبس وهو نائب فاعل يعلى، وهو الذي يربط جملة الصفة بالموصوف، وبها: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره في محلّ رفع خبر كأن، لكن هذا الوجه الذي ذهب إليه الرضي ضعيف، من جهة أن ضمير الشأن إنما يقدر حين لا يكون من الممكن تقدير مرجع، وههنا أمكن تقدير المرجع -وهو ضمير الغائب- وهو مع ذلك أيسر وأهون.
[١٢٥] هذان البيتان من كلام ذي الرمة غيلان بن عقبة، وقد أنشدهما ابن منظور "أون" ونسبهما إليه، وقال: إنهما من أبيات المعاني، قد أنشد رضي الدين في باب الحروف المشبهة بالفعل من شرح الكافية ثاني هذين البيتين، وشرحه البغدادي في الخزانة "٤/ ٣٦٣" غير أنه نسب البيتين نقلًا عن أبي زيد عن أبي عثمان سعيد بن هارون الأشنانداني لرجل من بني سعد بن زيد مناة. والخيفاء هنا: الأرض المختلفة ألوان النبات قد مطرت بنوء الأسد فسرت من له ماشية وساءت من كان مصرمًا لا إبل له، والدرماء: الأرنب، يقول: سمنت حتى سحبت قصبها، كأن بطنها بطن حبلى متئم، والقصب -بضم القاف وسكون الصاد- المعى، وأراد البطن، ومتئم: قد حبلت في توأمين والاستشهاد بالبيتين في قوله "كأن بطن حبلى" حيث خفف كأن الدالة على التشبيه، وجاء بعدها بالاسم مرفوعًا على أنه خبرها واسمها محذوف. والتقدير: كأن بطنها بطن حبلى. ولو أنك نصبت "بطنها" أو جررته لجاز. وتوجيه النصب والجر على مثل ما ذكرناه في شرح الشاهدين السابقين، فتأمل ذلك. والله يرشدك.

<<  <  ج: ص:  >  >>