للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُمَشِّي بها الدَّرْمَاءُ تَسْحَبُ قَصْبَهَا ... كأنْ بطنُ حُبْلَى ذَاتِ أَوْنَيْنِ مَتْئمِ

فيمن روى بالرفع، ومن روى بالجر جعل "أن" زائدة، ومن روى بالنصب أعملها مع التخفيف.

ومن كلامهم "أول ما أقول أنْ بسم الله" كأنهم قالوا: أنَّهُ بسم الله، وقال تعالى: {أَفَلا يرَوْنَ أَلَّا يرْجِعُ إِلَيهِمْ قَوْلًا} [طه: ٨٩] كأنه قال: أنه لا يرجع إليهم قولًا، إلَّا أنها لا تخفف مع الفعل إلا مع أحد أربعة أحرف، وهي: لا، وقد، وسوف، والسين، كقوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ سَيكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} [المزمل: ٢٠] وكذلك "علمت أنْ سوف يخرج مزيد، وعلمت أنْ قد خرج عمرو"، قال أبو صخر الهذلي:

[١٢٦]

فتعلمي أن قد كَلِفْتُ بكم ... ثم افعلي ما شئتِ عن عِلْمِ

ولا تُخَفَّف من غير واحد من هذه الأحرف؛ لأنهم جعلوها عوضًا مما لحق "أنْ" من التغيير، وكان التعويض مع الفعل أولى من الاسم، وذلك لأن "أنْ" لحقها مع الاسم ضرب واحد من التغيير، وهو الحذف، ولحقها مع الفعل ضربان: الحذف: ووقوع الفعل بعدها؛ فلهذا كان التعويض مع الفعل أولى من الاسم.

والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه من إعمالها مع التخفيف ما حكى بعض أهل اللغة من إعمالها في المضمر مع التخفيف نحو قولهم: أظن أنّك قائم، وأحسب أنّه ذاهب، يريدون أنك وأنه بالتشديد، قال الشاعر:

[١٢٧]

فلو أنك في يوم الرَّخَاء سألتني ... فِرَاقَكَ لم أَبْخَلْ وأنت صديقُ


[١٢٦] نسب المؤلف هذا البيت لأبي صخر الهذلي، وكذلك نسبه ابن يعيش في شرح المفصل "ص١١٣٢" وقد روى ابن منظور صدره "ع ل م" ونسبه إلى الحارث بن وعلة، وتعلمي: أي اعلمي واستيقني. وهو ملازم لصيغة الأمر، والشواهد عليه كثيرة "انظر شرح الشاهد ٣٢٥ في شرح الأشموني بتحقيقنا" وكلفت: أولعت واشتد غرامي. والاستشهاد بالبيت في قوله "فتعلمي أن قد كلفت" حيث جاء بأن المخففة من الثقيلة، واسمها ضمير شأن محذوف، وخبرها جملة "كلفت بكم" ولكون هذه الجملة فعلية فعلها متصرف غير دعاء فصل بينها وبين أن بقد، وتقدير الكلام: فتعلمي أنه "أي الحال والشأن" قد كلفت بكم، ونظير هذا البيت في الفصل بين أن المخففة وجملة خبرها بقد قول الله تعالى: {وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} وقول الشاعر، وهو من شواهد ابن مالك في شرح كافيته وشواهد الأشموني "رقم ٢٨٢"
شهدت بأن قد خط ما هو كائن ... وأنك تمحو ما تشاء وتثبت
[١٢٧] أنشد الرضي الدين في باب الضمير من شرح الكافية هذا البيت، وقد شرحه البغدادي في =

<<  <  ج: ص:  >  >>