للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي عَوْضُ ثلاث لغات: عوضُ بالضم، وعوضَ بالفتح، وعوضِ بالكسر، وكلًّا بمعنى حقًّا، قال الشاعر:

[٢٥٩]

أليس قليلَا نَظْرَةٌ إن نَظَرْتُهَا ... إليكِ؟ وكَلَّا ليس منك قليلُ


= البغدادي في الخزانة "٣/ ٢٠٩" وشواهد الزمخشري في المفصل وابن يعيش في شرحه "س٥٥٩" وابن هشام في مغني اللبيب "رقم ٢٤٦" وابن جني في الخصائص "١/ ٢٦٥ الدار" وأنشده ابن منظور "ع وض - س ح م" وانظر القصيدة في ديوان الأعشى "ص١٤٥ فينا".
واللبان -بكسر اللام بزنة الكتاب- هو اللبن، فإن لم تنوّنه فهو مضاف إلى ثدي أم، وإن نونته جررت ثدي أم على البدل أو نصبته على البدل أيضًا باعتبار موضع اللبان لأنه في المعنى مفعول به لرضيعي، أو نصبته بتقدير أعني أو نحوه، وقوله "تحالفا" يروى مكانه "تقاسما" أي حلف كل منهما وأقسم، أو عقدا محالفة بينهما، والأسحم الذي تحالفا عليه: يقال هو الدم، وكان من عادتهم أن يغمسوا أيديهم في الدم عندما يتحالفون، ويقال: هو الرحم، ويقال: هو حلمة الثدي، ويقال: هو الليل، و "عوض" يأتي ظرفًا لا يستقبل من الزمان مبنيًّا على الضم في محل نصب، تقول: لا أكلمك عوض يا فتى، تريد لا أكلمك أبدًا، ويأتي بمعنى القسم، تقول: لا أفعل هذا عوض، تحلف بالدهر والزمان، وهذا المعنى هو الذي أراده المؤلف هنا. قال ابن يعيش "أما عوض فهو اسم من أسماء الدهر، وهو للمستقبل من الزمان، كما أن قط للماضي، وأكثر استعماله في القسم، تقول: عوض لا أفارقك، أي لا أفارقك أبدًا، كما تقول: قط ما فارقتك، وعوض مبنية لقطعها عن الإضافة، وفيها لغتان: الفتح، والضم، فمن فتح فطلبًا للخفة، ومن ضم فتشبيهًًا بقبل وبعد.... فإن أضفته أعربته، تقول: لا أفعله عوض العائضين، أي دهر الداهرين، فيكون معربًا، وانتصابه على الظرف لا على حدة في:
بأسحم داج عوض لا نتفرق
وعوض من لفظ العوض ومعناه، وذلك أن الدهر لا يمضي منه جزء إلا ويخلفه جزء آخر، فصار الثاني كالعوض من الأول" ا. هـ.
وأغرب ابن الكلبي فزعم أن "عوض" في بيت الأعشى اسم صنم كان لبكر بن وائل، قال ابن هشام "واختلف في قول الأعشى:
بأسحم داج عوض لا نتفرق
فقيل: ظرف لنتفرق، وقال ابن الكلبي: قسم، وهو اسم صنم كان لبكر بن وائل، بدليل قوله:
حلفت بمائرات حول عوض ... وأنصاب تركن لدى السعير
والسعير: اسم لصنم كان لعنزة، ولو كان كما زعم لم يتجه بناؤه في البيت" ا. هـ.
[٢٥٩] هذا البيت ثالث تسعة أبيات رواها أبو تمام في الحماسة "انظر شرح المرزوقي ص١٣٤٠" ونسبها لابن الطثرية، واسمه يزيد بن سلمة بن سمرة، والطثرية أمه، نسبت إلى طثر، وهو حي من اليمن. يقول: أليس قليلا نظرة منك إذا حصلت لي، ثم استدرك على نفسه ناقضًا لما اعتقده، فقال: كلا، لا قليل منك، ومثل هذا البيت في المعنى قول الآخر:
هل إلى نظرة إليك سبيل؟ ... فيروى الظما ويشفى الغليل
=

<<  <  ج: ص:  >  >>