للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فترك صرف "دهبل" وهو منصرف، وقال الآخر:

[٣٣٢]

أخشى على دَيْسَمَ من بُعْدِ الثَّرَى ... أبى قضاءُ اللهِ إلا ما ترى

فترك صرف "ديسم" وهو منصرف.

فإذا صحت هذه الأبيات بأسرها دلَّ على صحة ما ذهبنا إليه.

وأما من جهة القياس فإنه إذا جاز حذف الواو المتحركة للضرورة من نحو قوله:

[٣٣٣]

فَبَيْنَاهُ يَشْرِي رَحْلَهُ قال قَائلٌ: ... لمن جَمَلٌ رِخْوُ المِلَاطِ نَجِيبُ


= شاعرًا عفيفًا، وقد قال الشعر في آخر خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأكثر مدائحه في عبد الرحمن بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة بن عبد الله بن مخزوم، وفي هذا البيت الذي أنشده المؤلف شاهدان: الأول: في قوله "أبو دهبل" حيث منعه من الصرف مع أنه علم على وزن جعفر، وليس فيه إلا العلمية، وقياس أمثاله أن ينون ويجر بالكسرة، لكنه لما اضطر لإقامة الوزن منعه من التنوين وجره بالفتحة، هذا بيان كلام المؤلف، لكن يقال على هذا: إن كلمة "دهبل" في الأصل فعل ماضٍ، قال في اللسان "التهذيب: ابن الأعرابي: دهبل؛ إذا كبر اللقم ليسابق في الأكل" ا. هـ. وقال ابن دريد في الاشتقاق "ص١٢٩" "دهبل دهبلة؛ إذا مشى مشيا ثقيلا" فإذا كان "دهبل" في الأصل فعلًا ماضيًا فيجوز أن يكون الشاعر رجع به إلى أصله فحكاه كما تحكى الجمل التي يسمى بها نحو يزيد ويشكر، وعلى هذا لا يكون في البيت شاهد لما ذكره المؤلف، والشاهد الثاني: في قوله "من جمح" فإن هذا الاسم أحد الأعلام المعدولة عن فاعل، ففيه العلمية والعدل، فكان يجب عليه أن يمنعه من الصرف، لكنه لما اضطر إلى تنوينه صرفه، ولا يختلف النحاة في أنه يجوز للشاعر عند الضرورة أن يصرف الاسم الذي لا ينصرف.
[٣٣٢] هذان بيتان من مشطور الرجز، وقد أنشد ابن منظور "د س م" هذين البيتين عن ابن دريد، من غير عزو، إلا أن عنده "من برد الثرى" والديسم في الأصل: ولد الدب، ويقال: إنه ولد الذئب من الكلبة، والديسم أيضًا: الظلمة، وسئل أبو الفتح صاحب قطرب -وكان اسم أبي الفتح هذا "ديسم"- فقال: الديسم: الذرة، وقد سمي به، ومحل الاستشهاد قوله "ديسم" فقد منعه من الصرف فترك تنوينه وجره بالفتحة مع أنه ليس فيه غير العلمية. قال ابن منظور: "ترك صرفه للضرورة" ا. هـ.
[٣٣٣] هذا البيت من شواهد رضي الدين في باب الضمير من شرح الكافية، وقد شرحه البغدادي في الخزانة "٢/ ٣٩٦" وشواهد ابن يعيش في شرح المفصل "٨٢ و٤١٦" وابن جني في الخصائص "١/ ٩٦" وكل هؤلاء الأعلام رووه على ما رواه المؤلف، وفي كلام البغدادي ما يفيد أن البيت من شواهد سيبويه في باب ما يحتمل الشعر، وقد راجعت كتاب سيبويه فلم أجده، والبيت من كلام العجير السلولي، إلا أن الذي في شعر العجير رويّه لام على هذا الوجه.
فبيناه يشري رحله قال قائل: ... لمن جمل رخو الملاط ذلول؟
=

<<  <  ج: ص:  >  >>