للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاء عن العرب إعمال حرف الجزم مع الحذف، قال الشاعر:

[٣٥٠]

محمد تَفْدِ نفسك كلُّ نفسٍ ... إذا ما خِفْتَ من أَمْرٍ تَبَالَا

والتقدير فيه: لتفد نفسك، فحذف اللام وأعملها في الفعل الجزم، وقال الشاعر:

[٣٥١]

فقلت ادْعِي وأدْعُ؛ فإن أَنْدى ... لصوت أن ينادي داعيان


[٣٥٠] هذا البيت من شواهد سيبويه "١/ ٤٠٨" وابن يعيش في شرح المفصل "ص٩٤٢" والمؤلف في أسرار العربية "ص١٢٥" ورضي الدين في باب جوازم المضارع من شرح الكافية، وشرحه البغدادي في الخزانة "٣/ ٦٢٩" وابن الناظم في باب الجوازم من شرح الألفية، وشرحه العيني "٤/ ٤١٨" وقد اختلف العلماء في نسبة هذا البيت؛ فنسبه الرضي في باب فعل الأمر "٢/ ٢٤٩" إلى حسان بن ثابت، وهو غير موجود في ديوانه، ونسبه ابن هشام في شذور الذهب إلى أبي طالب بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم، قال البغدادي "وقال بعض فضلاء العجم في شرح أبيات المفصل: هو للأعشى "ا. هـ" وهو عجيب غاية في العجب، والتبال: سوء العاقبة، وأصله الوبال -بالواو- فأبدلت الواو تاء، والمعنى: إذا خفت وبال أمر أعددت له، والاستشهاد بالبيت في قوله "تفد" فإن سيبويه رحمه الله -كالكوفيين- خرج هذه الكلمة في هذا البيت على أن الأصل "لتفد" بلام الأمر مكسورة وبجزم الفعل المضارع بحذف الياء وإبقاء الكسرة دالة عليها، ثم حذفت اللام وبقي الفعل على ما كان عليه معها، قال سيبويه "واعلم أن هذه اللام قد يجوز حذفها في الشعر، وتعمل مضمرة، وكأنهم شبهوها بأن إذا عملت مضمرة، قال الشاعر:
محمد تفد نفسك كل نفس ... إذا ما خفت من شيء تبالا
وإنما أراد لتفد" ا. هـ. وقال الأعلم "الشاهد فيه إضمار لام الأمر في قوله تفد، والمعنى لتفد نفسك، وهذا من أقبح الضرورة، لأن الجازم أضعف من الجار، وحرف الجر لا يضمر" يريد أن حرف الجر لا يعمل وهو محذوف، مع أنه أقوى من الجازم، وإذا كان الأقوى لا يعمل محذوفا فلأن لا يعمل الأضعف محذوفا من باب الأولى. وقد خرجه قوم تخريجًا آخر، فذهبوا إلى أن "تفد" فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة للتخفيف اجتزاء بكسر ما قبلها للدلالة عليها، وكأنه قال: محمد تفدي نفسك كل نفس، ثم حذف الياء مضطرا ليقيم وزن البيت، واكتفى بالكسرة التي قبلها، وقد قرر المؤلف أن العرب قد تحذف حروف المد واللين وتكتفي بالحركات التي قبلها لأنها مجانسة لها، وانظر الشواهد "٢٤٥-٢٥٤" ثم انظر الشاهد ٢٨٣.
[٣٥١] هذا البيت من شواهد سيبويه "١/ ٤٢٦" وابن هشام في مغني اللبيب "رقم ٦٤٨" وفي أوضح المسالك "رقم ٥٠١" وفي شذور الذهب "رقم ١٥٤" والأشموني "رقم ١٠٣٥" وابن عقيل "رقم ٣٢٧" وقد اختلف العلماء في نسبة هذا البيت، فنسبه سيبويه إلى الأعشى، وقال الأعلم "ويروى للحطيئة" والصحيح أن البيت من كلمة عدة أبياتها ثلاثة عشر بيتًا لدثار بن شيبان النمري، أحد بني النمر بن قاسط، وهذه القصيدة مما رواه أبو =

<<  <  ج: ص:  >  >>