لا تنه عن عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم ومثل بيت الشاهد -في حذف لام الأمر وبقاء المضارع مجزوما بعد حذفه- قول الشاعر، وهو من شواهد ابن الناظم في شرح الألفية، وشرحه العيني "٤/ ٤٢٠". فلا تستطل مني بقائي ومدتي ... ولكن يكن للخير منك نصيب فإنه أراد: ولكن ليكن للخير منك نصيب، فحذف لام الأمر وأبقى المضارع -وهو "يكن"- مجزومًا كما كان واللام مقترنة به. [٣٥٢] هذا البيت من شواهد سيبويه "١/ ٤٠٩" وأنشده ابن منظور "ب ع ض" وكلاهما نسبه لمتمم بن نويرة. والبعوضة: اسم مكان بعينه، كانت فيه موقعة قتل فيها جماعة من قومه. ومحل الاستشهاد في البيت قوله "أو يبك" وللعلماء في تخريج هذه الكلمة رأيان، الأول: أن "يبك" مجزوم بلام أمر محذوفة، وأصل الكلام "أو ليبك" فحذف لام الأمر وأبقى عملها، على نحو ما ذكرناه في شرح الشاهد السابق وبهذا يستدل الكوفيون على أن حذف حرف الجزم مع بقاء عمله واقع في كلام العرب، والتخريج الثاني: أن "يبك" مجزوم حملًا على معنى "فأخمشي" لأن فعل الأمر أصله فعل مضارع للمخاطب مجزوم بلام الطلب وكأنه قال "على مثل أصحاب البعوضة فلتخمشي وجهك أو يبك من بكى" والبصريون يرون هذا الوجه أقرب مأخذا وأيسر طريقا من الوجه الأول؛ لأنه يخلصهم من استشهاد الكوفيين بالبيت ويبقى لهم ما أصلوه من القاعدة التي تقول: إن حذف حروف الجزم وبقاء عملها وحذف حروف الجر وبقاء عملها لا يجوز؛ لأنها عوامل ضعيفة. ونظير هذا البيت ما أنشده سيبويه "١/ ٤٠٩" ونسبه لأحيحة بن الجلاح: فمن نال الغنى فليصطنعه ... صنيعته ويجهد كل جهد والاستشهاد به في قوله "ويجهد" فإنه جزمه بتقدير لام أمر، وأصل العبارة "وليجهد" فحذف اللام، وأبقى الفعل مجزوما كما كان واللام مقترنة بهن وسيبويه يقول "واعلم أن حروف الجزم لاتجزم إلا الأفعال، ولا يكون الجزم إلا في هذه الأفعال المضارعة =