للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد "لِيَبْكِ" وقال الآخر:

[٣٥٣]

من كان لا يزعم أني شاعر ... فيدن مني تَنْهَهُ المَزَاجِرُ

أراد "فليدن" فحذف اللام وأعملها في الفعل الجزم، وهذا كثير في أشعارهم، وإذا جاز أن يعمل حرف الجزم مع الحذف في هذه المواضع جاز أن يعمل ههنا مع الحذف لكثرة الاستعمال.

وكذلك أيضا منعكم إعمال سائر عوامل الأفعال مع الحذف لا يستقيم أيضا على أصلكم؛ فإنكم تذهبون إلى أن أن الخفيفة المصدرية تعمل مع الحذف بعد الفاء إذا كانت جوابا للستة الأشياء التي جوزتم فيها إعمال أن الخفيفة الشرطية مع الحذف، نحو: ايتني فآتيك، ولا تفعل يكون خيرا لك، واللهم ارزقني بعيرا فأحج عليه، وأين بيتك فأزورك، وألا ماء فأشربه، وألا تنزل فأكرمك، وكذلك تعملونها مع الحذف بعد الفاء في جواب النفي نحو: ما أنت صاحبي فأعطيك، وكذلك أيضا تعملونها مع الحذف بعد الواو نحو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، وبعد "أو" نحو: لأشكونك أو تُعْتِبَنِي، وبعد لام كي نحو: جئتك لتكرمني، وبعد لام الجحود نحو: ما كنت لأفعل ذلك، وبعد حتى نحو: سرت حتى أدخلها، قال الله تعالى: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة: ٦] وإذا جاز لكم أن تعملوا أن الناصبة للفعل بعد هذه الأحرف مع الحذف وهي من عوامل الأفعال وإن الجازمة للفعل في المواضع التي بيّناها مع الحذف وهي من عوامل الأفعال جاز أن تعمل اللام الجازمة للفعل مع الحذف لكثرة الاستعمال وإن كانت من عوامل الأفعال.


= للأسماء، كما أن الجر لا يكون إلا في الأسماء، والجزم في الأفعال نظير الجر في الأسماء، فليس للاسم في الجزم نصيب، وليس للفعل في الجر نصيب، فمن ثم لم يضمروا الجازم كما لم يضمروا الجار، وقد أضمره الشاعر، شبهه بإضمارهم رب وواو القسم في كلام بعضهم "ا. هـ كلامه.
[٣٥٣] هذان بيتان من مشطور الرجز، وقد أنشدهما ابن منظور "ز ج ر" ولم يعزهما، وتقول: دنا فلان من فلان يدنو، تريد قرب يقرب، وزجره: منعه، وأراد بالمزاجر الأسباب التي من شأنها أن تمنعه وتنهره وتنهاه. ومحل الاستشهاد من البيت قوله "فيدن مني" فإن أصله -فيما زعم الكوفيون ومن استشهد بهذا البيت- "فليدن مني" بلام أمر مقترنة بفعل مضارع مجزوم بحذف الواو والضمة قبلها دليل عليها، فحذف الراجز لام الأمر وأبقى الفعل المضارع على جزمه الذي كان عليه واللام مقترنة به. ورواية ابن منظور في البيت "فليدن مني تنهه" بلام الأمر، وقال بعد إنشاده "ويروى: من كان لا يزعم أني شاعر فيدن مني، أراد فليدن، فحذف اللام، وذلك أن الخبن في مثل هذا أخف على ألسنتهم، والإتمام عربي" ا. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>