للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخفض "المُرْمَلِ" على الجوار، وكان ينبغي أن يقول: "المرملا" لكونه وَصْفًا


= كرر البغدادي ذكره في شرح الشاهد رقم ٣٤٩ من الخزانة "٢/ ٣٢١" وبعد هذا البيت قوله:
على ذرى قلامه المهدل ... سبوب كتان بأيدي الغزل
المرمل -بوزن اسم المفعول- أي المنسوج، والقلام -بضم القاف وتشديد اللام- ضرب من النبت، والمهدّل أي المسترسل، والسبوب: الشقق أي قطع الكتان. شبه نسيج العنكبوت على ما نبت من القلام حول المنهل بشقق من الكتان بأيدي الغازلات ومحل الاستشهاد من هذا البيت قوله "المرمل" فإنه مجرور بدليل روي الأبيات التي ذكرناها لك مما يليه، وهو صفة لنسج العنكبوت المنصوب لكونه اسم كأن، ومتى كان من المقرر الذي لا يحتمل التردد أن النعت يجب أن يطابق منعوته في حركة إعرابه كان من المسلم به أن هذه الكسرة التي في "المرمل" ليست هي الحركة التي اقتضاها العامل؛ لأن العامل يتقضي فتحة، فهو إذًا منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المجاورة، قال الأعلم "الشاهد فيه جر المرمل على العنكبوت نعتًا لها في اللفظ لقرب جوارها منه، وكان الخليل رحمه الله لا يجيز مثل هذا حتى يكون المتجاوران مستويين في التعريف والتنكير، والتأنيث والتذكير، والإفراد والتثنية والجمع، كقولهم: هذا جحر ضب خرب، وجحرًا ضبين خربين، وجحرة ضباب خربة، وسيبويه يجيز الحمل على الجوار وإن اختلف المتجاوران، إذا لم يشكل المعنى، كقولك: هذان جحرا ضب خربين، وهذا جحر ضبين خرب، واحتج ببيت العجاج هذا، لأنه حمل المرمل وهو مذكر على العنكبوت وهي مؤنثة، والمرمل من وصف الغزل في الحقيقة" ا. هـ، قال أبو رجاء: وقد قال قوم: إنه ليس في هذا البيت رد على الخليل، لأن العنكبوت تذكر وتؤنث، فيجوز أن يكون هنا مذكرًا، فلا يصلح البيت ردًّا عليه، ومثله مما ذكروه في سبيل الرد على الخليل قول الحطيئة، وأنشده ابن جني "٣/ ٢٢٠" والرضي لذلك، وشرحه البغدادي "٢/ ٣٢١".
فإياكم وحية بطن وادٍ ... هموز الناب ليس لكم بسي
وحية البطن وادٍ: أراد نفسه، يريد أنه يحمي ناحيته ويذود عما يحميه فيجب عليهم أن يتقوه ويحذروا صولته، وهموز الناب: مأخوذ من الهمز وهو الضغط والغمز، وليس لكم بسي: أي ليست مثلكم ولا مستوية معكم، بل فوقكم وأعلى منكم، والاستشهاد به عندهم في قوله: "هموز الناب" فإن الرواية في هذه الكلمة بجر "هموز" مع أنها نعت للحية المنصوب على التحذير، وقد جرَّ الشاعر هذه الكلمة لأنها في مجاورة كلمة مجرورة وهي قوله: "وادٍ" والهموز مؤنثة لكونها صفة للحية والوادي مذكر، فدلَّ على أنه لا يلزم في الجرّ للمجاورة أن يكون المتجاوران متساويين في التذكير والتأنيث، كما ذهب إليه الخليل بن أحمد، بل يجوز مع تخالفهما في التذكير والتأنيث، وفي التعريف والتنكير، وفي الإفراد والتثنية والجمع، على ما قررناه لك من قبل، قال ابن جني "جر هموز لمجاورته الواد مع اختلاف المضاف والمضاف إليه تذكيرًا وتأنيثًا، فإن =

<<  <  ج: ص:  >  >>