أيها المنكح الثريا سهيلًا ... عمرك الله كيف يلتقيان؟ و"تدري" أي تعلم، و"عاجل" قريب. ومحل الاستشهاد من هذا البيت قوله "جائئ" واعلم أولا أن هذه الكلمة تروى بهمزتين وتروى بهمزة فياء متحركة بحركة الإعراب وهي الضمة، واعلم ثانيًا أن الأصل الأصيل في هذه الكلمة "جايئ" بياء ثم همزة، لأنه اسم الفاعل من جاء يجيء مثل باع يبيع، فانقلبت ياؤه همزة لوقوعها عين اسم فاعل فعل أعلت فيه، أو لكونها بعد ألف زائدة، فصار "جائئ" بهمزتين والقياس في مثل ذلك أن تقلب الهمزة المتطرفة ياء لكونها ثانية همزتين في موقع اللام من الكلمة فيقال "جائي" والنحاة يروونه على هذه الصورة ويحرّكون الياء بالضمة، ويقولون: إن الشاعر عامل حرف العلة معاملة الحرف الصحيح، وبعبارة أخرى: إن الشاعر عاود الأصل المهجور، ورجع إليه، وترك الفرع الذي صار إليه العمل -وهو تقدير الضمة والكسرة على الياء أو الواو لثقل كل من الضمة والكسرة على كل من الواو والياء- وهذا الرجوع ضرورة من ضرورات الشعر، ونظيره قول جرير بن عطية يهجو الفرزدق: وعرق الفرزدق شر العروق ... خبيث الثرى كأبي الأزند فقد جاء بقوله "كأبي" مرفوعًا، وعامل الياء معاملة الحرف الصحيح فلم يقدر عليها الضمة، ونظيره قول الآخر: تراه -وقد بد الرماة- كأنه ... أمام الكلاب عنهم مصغي الخد الرواية برفع "مصغي" بضمة ظاهرة على الياء على أنه خبر "كأن". ونظيره قول القطامي: ما للعذارى؟ ودعن الحياة كما ... ودعنني، واتخذن الشيب ميعادي محل الاستشهاد قوله "ما للعذارى" فقد جاء بكسر الياء، والكسرة أخت الضمة كما قلنا، ونظير ذلك في الفعل قول الشاعر: إذا قلت علّ القلب يسلو قيضت ... هواجس لا تنفك تغريه بالوجد الشاهد فيه قوله "يسلو" فقد جاء الشاعر بهذا الفعل مرفوعا بضمة ظاهرة على الواو، ومثله قول الآخر: فقمت إلى عنز بقية أعنز ... فأذبحها، فعل امرئ غير نادم فعوضني منها غناي ولم تكن ... تساوي عندي غير خمس دراهم الشاهد في قوله "تساوي" حيث جاء الشاعر بهذا الفعل مرفوعا بالضمة الظاهرة ولم يبالِ بأن الضمة ثقيلة على الياء، من قبل أن الأصل الأصيل هو أن تظهر حركات الإعراب على الحروف متى أمكن أن تظهر عليها. =