فليس في سائر الأمة مثل الصحابة في الفضل، لما في الصحيحين: «لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» . وفيهما: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» . وليس في الأمة كالصحابة في المعروف، وهو اسم جامع لكل ما عرف، من طاعة الله، والتقرب إليه، والإحسان إلى الناس؛ وليس في الأمة أيضًا: كالصحابة في الإصابة للحكم المشروع، فهم أحق الأمة بإصابة الحق والصواب. فهم سادات الأمة، وقدوة الأئمة، وأعلم الناس بكتاب الله، وسنة نبيه، شاهدوا التنزيل، وعرفوا التأويل. قال ابن مسعود: من كان متأسيًا، فليتأس بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم أبر هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوا آثارهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم؛ ومن نظر في سيرتهم، بعلم وبصيرة، وما من الله به عليهم من الفضائل، علم يقينًا: أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم، وأكرمها على الله.