للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجاز للمولى يعذب الورى ... من غير ما ذنب ولا جرم جرى (١)


(١) أي: وجاز للرب تعالى يعذب الخلق من غير ذنب، أي: إثم، ولا
جرم، هو: الذنب عطفه عليه للإيضاح، جرى، أي: من العبد، ولا صدر عنه، وليس هذا من قول السلف، ولا من الثناء على الله، والنصوص النافية للظلم، تثبت العدل في الجزاء وأنه لا يبخس عاملا عمله، كتب على نفسه الرحمة، وحرم الظلم على نفسه، وقال: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم: ٣٥-٣٦] ويجب تنزيهه عن الظلم، كما نزه نفسه عنه، ومعلوم بالضرورة أن الله حكم عدل، يضع الأشياء في مواضعها، وإن كان وضعها في غير مواضعها غير ممتنع لذاته، لكنه لا يفعله لأنه لا يريده بل يكرهه ويبغضه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ليس من أهل السنة من يقول: إن الله يعذب نبيا، ولا مطيعا، ولا من يقول: إن الله يثيب إبليس وفرعون، بل: ولا يثيب عاصيًا على معصيته؛ وهو سبحانه القائم على كل نفس بما كسبت، مجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، الصادق الذي لا يخلف الميعاد، العدل الذي لا يجور ولا يظلم، ولا يخاف عباده منه ظلما، باتفاق جميع الكتب والرسل.

<<  <   >  >>