ومعاد الأبدان متفق عليه، بين المسلمين، واليهود، والنصارى، وسائر أهل الملل قال تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن: ٧] وقال: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: ٧٩] ، وقال عليه السلام للعاص بن وائل وقد جاءه بعظم حائل، ففته بيده، فقال: يا محمد أيحيي الله هذا بعدما أرم؟ قال: نعم يبعثه الله ثم يميتك ثم يحيك ثم يدخلك نار جهنم. والنشور، يرادف البعث في المعنى، يقال: نشر الميت، وأنشره أحياه، وأما الحشر، فهو في اللغة: الجمع تقول حشرت الناس إذا جمعتهم، والمراد: جمع أجزاء الإنسان بعد تفرقها، ثم إحياء الأبدان بعد موتها، فيبعث الله جميع العباد، ويعيدهم بعد موتهم ويسوقهم إلى محشرهم، لفصل القضاء، بالكتاب، والسنة والإجماع. وأما النفخ في الصور، فإذا أطلق فالمراد به: نفخة البعث والنشور، وينفخ فيه ثلاث نفخات. نفخة الفزع: وهي التي يتغير بها العالم، قال تعالى: {وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ} [ص: ١٥] . أي رجوع ومرد وقال: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [النمل: ٨٧] . سميت نفخة الفزع، لما يقع من هول تلك النفخة. والنفخة الثانية: نفخة الصعق، وفيها هلاك كل شيء، قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر: ٦٨] . وفسر الصعق بالموت، وهو متناول حتى الملائكة، والاستثناء متناول لمن في الجنة، من الحور العين وغيرهم. والثالثة: نفخة البعث والنشور، قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} [يس: ٥١] . وقال: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: ٦٨] . وأخرج ابن جرير والبيهقي وغيرهما، من حديث أبي هريرة، «قلت: وما الصور؟ قال: قرن عظيم، إن عظم دارة فيه كعرض السماء والأرض، فينفخ فيه ثلاث نفخات، الأولى الفزع والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين.