للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل

فيما يجب للأنبياء عليهم السلام وما يجوز عليهم

وما يستحيل في حقهم

وأن كل واحد منهم سلم ... من كل ما نقص ومن كفر عصم (١)


(١) أي: وأن كل واحد من الأنبياء الكرام، والرسل العظام، سلم وتنزه عن كل نقص، يؤدي إلى الإزراء والدناءة، والذي عليه أهل التحقيق: أن الرسل معصومون من الكبائر، وأما الصغائر فقد تقع منهم، والكتاب والسنة يدلان على ذلك، لكن لا يقرون عليها، بل يوفقون للتوبة منها.
قال شيخ الإسلام: واتفقوا على العصمة من الإقرار على الذنوب مطلقًا، لأن وقوع الذنب إذا لم يقر عليه، لم يحصل منه تنفير ولا نقص، فإن التوبة النصوح يرفع بها صاحبها، أكثر مما كان أولًا. اهـ.
وأن كل واحد منهم، من كُفْرٍ عُصِمَ بعد النبوة، باتفاق السلف، والعصمة المنعة، وقال المصنف: عصم قبل النبوة، وبعدها. اهـ.
وقد اتفق السلف على جواز بعثة رسول لم يعرف ما جاءت به الرسل قبله، من أمور النبوة والشرائع، والرسل قبل الوحي لا تعلم هذا فضلًا عن أن تقربه، فعلم: أن عدم العلم والإيمان، لا يقدح في نبوتهم، بل الله إذا نبأهم، علمهم ما لم يكونوا يعلمون، ومن نشأ بين مشركين جهلاء، لم يكن عليه نقص ولا غضاضة، وإذا كان على مثل دينهم، وإذا كان معروفًا عندهم بالصدق والأمانة، وفعل ما يعرفون وجوبه، واجتناب ما يعرفون قبحه.
ولم يذكر عن أحد من المشركين، أنه عد هذا قادحًا في نبوتهم، ولو ذكروه للرسل، لقالوا كنا كغيرنا، لم نعرف إلا ما أوحي به إلينا، وإنما اتفق المسلمون على أن الأنبياء معصومون فيما يبلغونه عن الله، فلا يستقر في ذلك خطأ، ولكن هل يصير منهم ما يستدركه الله، فينسخ ما يلقي الشيطان؟ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: المأثور عن السلف يوافق القول بذلك.

<<  <   >  >>