للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخاتمة

نسأل الله حسنها

مدارك العلوم في العيان (١) ... محصورة في الحد والبرهان (٢)


(١) مدارك: جمع مدرك الشيء أحاط به؛ ومراده: المدرك بالعقول، جمع عقل؛ وهو لغة: المنع؛ واصطلاحًا: ما يحصل به التمييز بين المعلومات، وهو صفة، وهو الذي يسمى عرضاً، وهو قائم بالنفس التي تعقل، متعلق بالقلب، وله اتصال بالدماغ، في العيان، أي: المشاهدة.
(٢) أي: مدارك العلوم محصورة في شيئين لا ثالث لهما، ومقصورة عليهما في الحد، يأتي الكلام عليه؛ والبرهان، وهو: الحجة والدليل، وهما الكتاب والسنة؛ وقال المصنف: والبرهان عند أهل الميزان، قياس مؤلف من مقدمات يقينية، لإنتاج يقينيات. اهـ.
وإذا كان القياس لا يفيد العلم، إلا بواسطة قضية كلية بإجماعهم، وامتنع أن يكون فيما ذكروه، من صورة القياس، ومادته، حصول علم
يقيني. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد علم بإجماعهم
وبالعقل: أن القياس المنطقي لا يفيد إلا بواسطة قضية كلية، والقضايا التي هي عند مواد البرهان وأصوله، ليس فيها قضية كلية
للأمور الموجودة، وليس فيها ما تعلم به القضية الكلية إلا
العقل المجرد، الذي يعقل المقدرات الذهنية، وإذا لم يكن في أصوله برهانهم علم بقضية عامة، للأمور الموجودة، لم يكن في قياسهم علم؛ ولذلك تناقضت أقيستهم في المطالب الإلهية، ولم يصلوا بها إلى يقين؛ وغلبت عليهم الحيرة، لما يرونه من فساد أدلتهم. وصورة القياس المذكورة، فطرية لا تحتاج إلى تعلم، وإن كان فيه صحيح ففيه ما هو باطل، والحق الذي فيه من تطويل الكلام، وتكثيره بلا فائدة، وسوء التعبير وغير ذلك؛ والنافع منه فطري لا يحتاج إليهم فيه، وما يحتاج إليهم فيه ليس فيه منفعة إلا معرفة اصطلاحهم.
ولا شك أن من حسن الظن بالمنطق والكلام وأهله، إن لم يكن له مادة من دين وعقل، يستفيد بها الحق الذي ينتفع به، وإلا أفسدوا عليه دينه وعقله؛ ومن نور الله بصيرته، علم الفرق بين الطريقة العقلية السمعية الشرعية الإيمانية، والطريقة القياسية المنطقية الكلامية.

<<  <   >  >>