للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكل ما يفعله العباد ... من طاعة أو ضدها مراد

لربنا من غير ما اضطرار ... من لنا فافهم ولا تُمَار (١)


(١) أي: فكل فعل يفعله العباد من طاعة، وهي ما تعلق بها المدح في العاجل، والثواب في الآجل وما يفعل من معصية وهي ما فيها ذم في العاجل والعقاب أو الذم في الأجل داخل تحت إرادة الله الكونية ومشيئته وقدرته، فإن الله خالق كل شيء، وربه ومليكه ما
شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وهو على كل شيء قدير، وإرادة
ما يفعله العباد من غير اضطرار منه لنا ولا حاجة بل لحكمة باهرة.
فافهم ولا تمار في علمك وكن مع الحق حيث كان. والمراء: الجدال ويقال للمناظرة، مماراة لأن كل واحد يستخرج ما عند صاحبه ويمتريه، وقد كثر المراء في القدر، وقيل: أول من تكلم فيه معبد الجهني.
وأهل السنة وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية، وتقدم: أن الإرادة إرادتان: فما ذكر هي الإرادة الكونية القدرية المتعلقة بالخلق، والإرادة الثانية هي: الإرادة الشرعية المتعلقة بالأمر وهو ما وقع في الوجود من الأعمال الصالحة.
والمراد نوعان: مراد لنفسه ومراد لغيره، فالمراد لنفسه مطلوب محبوب لذاته وما فيه من الخير، فهو مراد إرادة الغايات والمقاصد، والمراد لغيره قد لا يكون مقصودا للمريد، ولا مصلحة له فيه بالنظر إلى ذاته، وإن كان وسيلة إلى مقصوده ومراده فهو مكروه له من حيث نفسه وذاته، مراد له من حيث قضائه، وإيصاله إلى مراده، فيجتمع الأمران بغضه وإرادته لا يتنافيان لاختلاف متعلقهما.
وجمهور أهل السنة من جميع الطوائف: يفرقون بين الإرادة، والمحبة، والرضا، فيقولون: إنه إن كان يريد المعاصي فهو سبحانه لا يحبها، ولا يرضاها، بل يبغضها، ويسخطها، وينهى عنها.

<<  <   >  >>