للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حبر الملا فرد العلي الرباني (١) ... رب الحجى ماحي الدجى الشيباني (٢)

فإنه إمام أهل الأثر (٣) ... فمن نحا منحاه فهو الأثري (٤)


(١) حبر: بفتح الحاء وكسرها العالم، والملا: أشراف الناس ورؤساؤهم، فرد العلي، أي: واحد في الخصال السامية، الرباني العالم، العامل المعلم للعلم، مربي الناس بالتعليم.
(٢) رب، أي: صاحب الحجا، كامل العقل والفطنة، والمقدار العالي، الماحي بنور السنة ظلمة البدعة، ودجا الليل إذا أظلم، ودياجيه حنادسه الشيباني نسبة إلى شيبان بن ذهل، البطن المتسع المشهور، ولد سنة (١٦٤هـ) .
(٣) أي: فإن الإمام أحمد رضي الله عنه قدوة أصحاب الأثر، الذين يأخذون عقيدتهم من المأثور عن الله في كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وما ثبت عن الصحابة والتابعين.
(٤) أي: فمن قصد مقصده، ومذهبه، فهو الأثري المنسوب إلى العقيدة الأثرية والفرقة السلفية ويعرف بمذهب السلف وهو مذهب سلف الأمة، وجميع الأئمة المعتبرين والمتبعين، كالأئمة الأربعة، وغيرهم، وإنما نسب هذا المذهب لأحمد -رحمه الله- لأنه هو الذي قاوم أهل البدع، حتى نصر الله به دينه وأظهره.
قال ابن المديني: نصر الله هذا الدين برجلين: أبي بكر يوم الردة، وأحمد يوم المحنة وقال: اتخذت أحمد فيما بيني وبين الله.
وقال غير واحد من أئمة الدين: أحمد إمام أهل السنة.
وما أحسن ما قيل:
أضحى ابن حنبل حجة مبرورة ... وبحب أحمد يعرف المتنسك
ولما انتصر - رحمه الله - للسنة، وقدم نفسه، وصبر على المحنة، صار هو علمها وإمامها، حتى انتسب إليه أبو الحسن والأشعري في كتابه "الإبانة عن أصول الديانة" وغيره، ورأى اتباعه المنهج الأحمد، وقال: قولنا وديننا التمسك بكتاب الله، وسنة نبيه، وما روي عن الصحابة، والتابعين، وأئمة الحديث، وبما كان عليه الإمام، نضر الله وجهه، ورفع درجته، وأجزل مثوبته لأنه الإمام الفاضل، والرئيس الكامل، الذي أبان الله به الحق عن ظهور الضلال، وأوضح به المنهاج، وقمع به بدع المبتدعين، فرحمة الله عليه من إمام مقدم، وكبير مفهم، وعلى جميع أئمة المسلمين. انتهى كلام الأشعري.
توفي الإمام أحمد - رحمه الله - ببغداد سنة (٢٤١هـ) وقيل: حزر من صلى عليه بثمانمائة ألف وستين ألفا، وأسلم لموته عشرون ألفا من اليهود والنصارى.

<<  <   >  >>