على عبده فقد وضعه موضعه اللائق به وأصاب محله الذي هو أولى به من غيره. (٢) قلاه: أبغضه أي: وذلك المقضي من فعل الشخص الذي أتى بما يبغضه الله، وفعله الأشياء المبغوضة لله، لا يجوز الرضا بها إجماعا، بل الرضا بالقدر الجاري على العبد باختياره وفعله من أنواع الظلم والفسوق مما يكرهه الله ويسخطه، وينهى عنه، ويعاقب عليه، ولله سبحانه في ظهور المعاصي وترتب آثارها من الحكم ما يشهده أولو الأبصار. وأما الرضا بالقضاء الكوني القدري الجاري على خلاف مراد العبد كالفقر والمرض فمستحب، ومن أجل الأمور، وأشرف أنواع العبودية، ولم يطالب به العموم لعجزهم ومشقته عليهم، وقيل: يجب، فتستوي النعمة والبلية عنده في الرضا بها وهو من مقامات الصديقين واختار شيخ الإسلام استحبابه، وقال: لم يجئ الأمر به كما جاء بالصبر، وإنما جاء الثناء على أصحابه ومدحهم. والرضا بالقدر الكوني الموافق لمحبة العبد وإرادته ورضاه من الصحة والغنى ونحو ذلك فأمر لازم بمقتضى الطبيعة وليس الرضا به عبودية، وعلى العبد أن يوافق ربه، فيبغض الذنوب ويمقتها، لأن الله يبغضها، ويرضى بالحكمة التي خلقها الله لأجله، فهي من جهة فعل العبد لها مكروهة مسخوطة، ومن جهة خلق الرب لها محبوبة مرضية. لأن الله خلقها لما له في ذلك من الحكمة، والعبد فعلها وهي ضارة له، موجبة له العذاب، فنحن نكرهها وننهى عنها، كما أمرنا الله بذلك، ونعلم أن الله خلقها لما له في ذلك من الحكمة، فنرضى بقضائه وقدره، لأنا إذا نظرنا إلى إحداث الرب لذلك، للحكمة التي يحبها ويرضاها، رضينا لله بما رضية لنفسه، فنرضاه ونحبه مفعولا لله مخلوقا له، ونبغضه ونكرهه فعلًا للمذنب المخالف لأمر الله.