وفي الصحيحين، من حديث أنس: أن أهل مكة سألوه أن يريهم آية، فأراهم القمر شقتين، حتى رأوا حراء بينهما؛ وفيهما من حديث ابن مسعود: «انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرقتين فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اشهدوا فثبت انشقاقه بنص القرآن والسنة، وهذا من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - دون النبيين» . وفي هاتين الآيتين الباهرتين، كفاية عما سواهما، وإلا فدلائل نبوته - صلى الله عليه وسلم - لا تحصى، ونفس صورته الشريفة الباهرة، وطلعته الظاهرة، وسمته ودله، يدل العقلاء على نبوته، قال نفطويه: يكاد زيتها يضيء، هو مثل ضربه الله له، يقول: يكاد منظره يدل على نبوته، وإن لم يتل قرآنًا، كما قال ابن رواحة: لو لم تكن فيه آيات مبينة كانت بديهته تأتيك بالخبر قال شيخ الإسلام ابن تيمية: آياته - صلى الله عليه وسلم - المتعلقة بالقدرة والفعل والتأثير أنواع؛ منها: ما هو في العالم العلوي، كانشقاق القمر، وحراسة السماء بالشهب، ومعراجه إلى السماء؛ ومنها ما هو في الجو، كاستسقائه، واستصحائه، وطاعة السحاب له في حصوله وذهابه؛ ومنها تصرفه في الحيوانات الإنس والجن والبهائم، ومنها تصرفه في الأشجار، والأحجار، والخشب. ومنها تأييده بملائكة السماء، ومنها كفاية الله له أعداءه، وعصمته من الناس؛ ومنها إجابة دعائه، ومنها إعلامه بالمغيبات الماضية والمستقبلية؛ ومنها تأثيره في تكثير الماء والشراب، والطعام والثمار، وغير ذلك من دلائل نبوته، وأعلام رسالته، ومعجزاته الظاهرة، وآياته الباهرة. اهـ. فمن ظهرت المعجزة على يده، وهي: مما لا يقدر عليه البشر، وقارن ظهورها دعوى النبوة، علم بالضرورة: أن الله ما أظهرها إلا تصديقًا لمن ظهرت على يده.